الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص330
وأما استدلالهم بأنه لما جاز وقوف البدل على قبول المشتري جاز وقوف العقد كله على إذن المالك فغير صحيح . لأن المشتري ليس يوقف البدل على إجازته بالقبول لأنه لم يملك فيه حقا وإنما تمام العقد معتبر بقبول المشتري فلم يسلم الاستدلال .
وأما استدلالهم بأنه لما جاز وقوف العقد على الفسخ جاز وقوفه على الإجازة فالمعنى في الفسخ أنه دفع للعقد بعد صحته فجاز وقوفه ، والإجازة إنما هي وقوف ما لم يتقدم صحته . فجاز وقوف ما صح ولم يجز وقوف ما لم يصح . والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وهذا صحيح .
ولو اشترى دارا أو أرضا بحدودها وهما لا يعلمان مبلغ ذرعها كان البيع جائزا كالصبرة لأن الجملة بالمشاهدة معلومة .
وكذا لو اشترى نصف جميع الدار والأرض التي يعرف مبلغ ذرعها مشاعا جاز ولو اشترى أرضا مذارعة كل جريب بدينار فإن كانا يعلمان مبلغ ذرعها جاز . وإن كانا لا يعلمان مبلغ ذرعها ففيه وجهان :
أحدهما : وهو قول البغداديين أن لا يجوز للجهل بمبلغ الثمن .
والوجه الثاني : وهو قول البصريين أنه يجوز لعقده بما يصير الثمن معلوما به كالصبرة إذا باعها كل قفيز بدرهم وهما لا يعلمان مبلغ كيلها .
فلو باعه الأرض مذارعة كل جريب بدينار على أنها عشرة أجربة فخرجت من الذرع تسعة أجربة ونقصت جريبا فالبيع جائز ، ونقصانها عيب يوجب خيار المشتري في الفسخ أو المقام على التسعة بالحساب من الثمن .
ولو خرجت في الذرع تزيد جريبا يعني خرج أحد عشر جريبا ففي البيع قولان :
أحدهما : أن البيع باطل ، لأن البائع لا يجبر على تسليم الأرض بحدودها مع الزيادة التي لم يتناولها العقد .
والقول الثاني : أن البيع جائز لأن قدر ما يتناوله العقد من عدد الجربان مقدور على تسليمه ويكون البائع شريكا بالجريب الزائد إلا أن هذا عيب لأن دخول اليد بالشركة نقص فيكون المشتري بالخيار في الفسخ أو المقام على الذرع المشروط دون القدر الزائد .
فلو اشترى من الأرض كل جريب بدينار ولم يذكر قدر ما اشتراه من الجربان فالبيع باطل لأنه اشترى بعضا مجهولا .