پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص329

وروى وائلة بن عامر أو عامر بن وائلة أن النبي ( ص ) قال : لا تبع ما لا تملك .

وهذا نص . ولأن عقد البيع ينقل ملكا عن البائع إلى مالك هو المشتري فلم لم يجز أن يكون موقوفا على إجازة المشتري مع ما فيه من تجديد ملكه فأولى أن يكون موقوفا على إجازة البائع لما فيه من انتزاع ملكه . وتحرير ذلك قياسا أنه أحد طرفي البيع فلم يجز أن يقف على الإجازة كالمشتري فإن قال أبو حنيفة إنما لم يجز وقوف الشراء لأنه يلزم العاقد فلم يوقف على غيره ، وجاز وقوف البيع لأنه لا يلزم العاقد فوقف على غيره . فعلى هذا لا يصح ، لأن العاقد لم يتول العقد لنفسه وإنما تولاه لغيره .

وأقوى أحواله أن يكون كالوكيل في الشراء ، والوكيل لا يملك ما اشتراه لموكله ثم ينتقل عنه ، لأن توكيل العبد في الشراء يجوز وإن كان العبد لا يملك ، وتوكيل الرجل في شراء أبيه يجوز ولا يعتق عليه ولو ملكه لعتق عليه ، ولم يجز أن ينقل ملكه إلى موكله . وإذا كان كذلك فيمن صحت وكالته فأولى أن يكون كذلك فمن لم تصح وكالته ويدل على المسألة أيضا أنه بيع بغير رضى من يلزم العقد رضاه فوجب أن يكون باطلا كبيع المكره ولأنه بيع عن لا قدرة لأحد المتعاقدين على إيقاع قبض فيها فوجب أن يكون باطلا كبيع الطير في الهواء والحوت في الماء . ولأن نفوذ البيع إنما يكون في ملك وعن إذن من له الملك ، فلما كان لو عقد على غير ملك كالخمر ثم صار المعقود عليه ملكا بأن صار الخمر خلا لم يصح العقد ، وجب إذا عقد عن غير إذن المالك فلم ينفذ العقد ثم أذن المالك أن لا يصح العقد .

وتحريره قياسا أنه عقد بيع لم ينفذ عنه عقده فوجب أن لا ينفذ من بعده أصله ما ذكرنا في بيع ما ليس عندك إذا صار ملكا .

وأما الجواب عن حديث عروة فهو أنه مرسل لا يلزمنا القول به ولو صرنا إليه لم يكن فيه دلالة لما فيه من الشراء الذي لا يصح وقوفه عندهم والبيع الذي لا يصح وقوفه عندنا وقد أثنى عليه النبي ( ص ) والثناء لا يستحقه بمخالفته فدل على أنه فعل ذلك عن إذنه .

وأما حديث حكيم بن حزام فيحتمل أمرين :

أحدهما : أن يكون النبي ( ص ) رد الأمر فيه إلى رأيه فرأى ما فعله فكان مأذونا فيه .

والثاني : أنه اشترى ذلك لنفسه ثم باعه لنفسه ثم اشترى للنبي ( ص ) شاة عن إذنه المتقدم .

أما قياسهم على الوصايا فغير صحيح لأن حكم الوصايا أوسع وحكم العقود أضيق ألا ترى أن القبول في الوصية على التراخي فجاز أن تكون موقوفة على الإجازة ، والقبول في البيوع على الفور فلم يجز أن تكون موقوفة على الإجازة .

وأما قياسهم على محاباة المريض فلا يصح . لأن المحاباة في المرض وصية وقد ذكرنا المعنى في جواز وقف الوصايا على الإجازة فإن البيع لا يقف على الإجازة .