الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص325
أحدهما : أن النهي عنه نهي تنزيه لدناءته واتباع الجاهلية في فعله .
والثاني : أنه نهي تحريم ، وهو الصحيح لأن ذلك الماء مما تحرم المعاوضة عليه ولا يصح أخذ البدل عنه . والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وهذا كما قال . أما بيع الغرر فقد ورد النهي عنه بثلاثة ألفاظ فروي أنه نهى عن بيع الغرر ، وروي أنه نهى عن عقد الغرر ، وروي أنه نهى عن الغرر . رواه ابن المسيب تارة مرسلا وتارة عن أبي هريرة مسندا .
وقد رواه يحيى بن أبي كثير عن عطاء عن ابن عباس أيضا .
وحقيقة الغرر : ما تردد بين جوازين متضادين الأغلب منهما أخوفهما فمن بيوع الغرر التي يبطل فيها ما ذكره الشافعي :
وهو بيع ما ليس عندك ، وبيع الحمل في بطن أمه ، والعبد الآبق ، والطير والحوت قبل أن يصطادا . فذكر هذه الخمسة من بيوع الغرر وأبطل العقد عليها . ونحن نشرح القول في كل واحد منها .
أما قوله ومن بيوع الغرر عندنا بيع ما ليس عندك فقد اختلف أصحابنا في مراده فقال بعضهم أراد به أن يبيع الرجل سلعة لا يملكها بيعا عن نفسه لا عن مالكها ثم يمضي فيبتاعها ويدفعها إلى مشتريها وهذا بيع باطل لا أعلم فيه خلافا لورود النهي نصا فيه وهو ما روي أن النبي ( ص ) قال لحكيم بن حزام بعد قدومه إلى المدينة مسلما لم يبلغني يا حكيم أنك تبيع ما ليس عندك لا تبع ما ليس عندك . فهذا يدل على ما قلنا حتى يجوز قوم بهذا الحديث وجعلوه دليلا في إبطال السلم وهذا ليس بصحيح بل المقصود به ما ذكرنا .
وقد روي تفسيره بمثل ما قلنا عن حكيم بن حزام أيضا . وروى يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام قال يا رسول الله يأتيني الرجل فيريد مني بيع ما ليس عندي أفأبتاعه له من السوق ، فقال لا تبع ما ليس عندك .
وقال آخرون : بل أراد الشافعي بقوله ومن بيوع الغرر عندنا بيع ما ليس عندك بيع العين الغائبة على خيار الرؤية فإن أصح القولين من مذهبه بطلان بطل البيع فيها لنهيه ( ص ) عن بيع الغرر وبيع العين الغائبة غرر . واتفق أصحابنا على أن الشافعي لم يرد بهذا القول بيع ملك الغير على إجازته لأنه قد نص عليه من بعد واحتج على مخالفيه فيه .