پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص322

والوجه الثاني : أن التالف من الصبرة هو تالف من القفيز المبيع ومن سائر الصبرة فيبطل من بيع القفيز بقسط ما تلف من الصبرة ويكون الباقي منه على تفريق الصفة إذا كان لمعنى حادث بعد العقد . فهذه مقدمة ذكرناها تفريعا على مسألة الكتاب .

فصل :

فأما مسألة الكتاب فصورتها أن يقول : قد ابتعت منك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم على أن تزيدني قفيزا أو أنقصك قفيزا فها هنا ثلاث مسائل :

إحداهن : أن يجمع في شرطه بين ذكر الزيادة والنقصان من غير أن يقتصر على أحدهما فيكون العقد باطلا لأنه إذا لم يقتصر بالشرط على أحدهما صار الثمن مجهولا لأننا إن أثبتنا الزيادة صار كل قفيز وشيء بدرهم وإن أثبتنا النقصان صار كل قفيز إلا شيء بدرهم فلم يجز أن يصح العقد مع هذه الجهالة .

والمسألة الثانية : أن يقول : قد ابتعت منك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم على أن تزيدني قفيزا . فهذا على ضربين .

أحدهما : أن يجهلا كيل الصبرة .

والثاني : أن يعلماه . فإن جهلا كيل الصبرة فالبيع باطل ، لأن الصبرة إن كانت عشرة أقفزة كان كل قفيز وعشر بدرهم وإن كانت خمسة أقفزة كان كل قفيز وخمس بدرهم فيفضي ذلك إلى جهالة الثمن الذي يبطل معه العقد . وإن علما كيل الصبرة وأنها عشرة أقفزة فإن كان القفيز الذي استزاده غير مشاهد لم يجز وإن كان مشاهدا أو في صبرة مشاهدة فلا يخلو حال القفيز المستزاد من أن يجعلاه هبة أو مبيعا أو يطلقاه . فإن جعلاه هبة بطل البيع لأنه بيع بشرط الهبة فصار كقوله قد ابتعت دارك هذه بألف على أن تهب لي هذا العبد فيبطل البيع والهبة ، وإن جعلا القفيز المستزاد مبيعا لا هبة صح البيع لأنه يصير مبتاعا لأحد عشر قفيزا بعشرة دراهم كل قفيز وعشر بدرهم وإن أطلقا ذكر القفيز المستزاد فقد اختلف أصحابنا هل ينصرف إطلاقه إلى الهبة أو إلى المبيع على وجهين :

أحدهما : أنه ينصرف إلى الهبة لأنه أغلب حالتي الشرط فعلى هذا يكون البيع باطلا كما لو اشترطه لفظا .

والثاني : أنه ينصرف إطلاقه إلى البيع دون الهبة لأن إطلاق الشروط محمول على حكم ما شرطت فيه فعلى هذا يكون البيع صحيحا كما لو شرطه لفظا .

والمسألة الثالثة : أن يقول قد بعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم على أن أنقصك قفيزا : فإن كانا أو أحدهما يجهل كيل الصبرة كان البيع باطلا لما ذكرنا من التعليل المفضي إلى جهالة الثمن . وإن علما كيل الصبرة وأنها عشرة أقفزة كان البيع صحيحا لأنه يصير بائعا كل قفيز إلا عشر بدرهم والله أعلم .