الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص320
الأول أو الثاني ، فإن طالب الأول رجع عليه بألفين ورجع بها الأول على الثاني ، وإن طالب الثاني رجع عليه بألفين ولم يرجع بها الثاني على الأول فهذا الحكم فيها إن تلفت . فأما إن لم تتلف ولكن نقصت قيمتها كأن كانت قيمتها ألفين فنقصت حتى صارت ألفا ثم ردت فلا يخلو حال هذا النقص من أن يكون حادثا في يد الأول أو الثاني فإن حدث النقص في يد الأول فالألف مضمونة على الأول وللمالك أن يرجع بها على الأول دون الثاني وليس للأول أن يرجع بها على الثاني . وإن حدث النقص في يد الثاني فكل واحد منهما ضامن لهذا الألف والمالك بالخيار في الرجوع بها على أيهما شاء فإن رجع بها على الأول رجع الأول بها على الثاني وإن رجع بها على الثاني لم يرجع الثاني بها على الأول لما قدمنا من التعليل . ثم الأجرة مستحقة للمدة الماضية فما مضى من المدة في يد الأول لم يجز للمالك أن يرجع به على الثاني وما مضى من المدة في يد الثاني كان للمالك أن يرجع به على من شاء من الأول والثاني فإن رجع به على الأول رجع الأول به على الثاني وإن رجع به على الثاني لم يرجع الثاني به على الأول .
قال الماوردي : وهذا صحيح . إذا اشترى منه زرعا بدينار على أن على البائع حصاده قال الشافعي كان هذا فاسدا . واختلف أصحابنا فكان أبو علي بن أبي هريرة يخرجه على قولين لأنه عقد واحد قد جمع بيعا وإجارة وقد اختلف قول الشافعي في العقد الواحد إذا جمع شيئين مختلفين في الحكم كبيع وإجارة أو بيع وصرف فأحد القولين أنه جائز فيهما جميعا لجواز كل واحد منهما على الانفراد فجاز مع الاجتماع والثاني أن العقد باطل فيهما جميعا لأن لكل واحد منهما حكما مخالفا لحكم الآخر فلم يصحا مع الاجتماع لتنافي حكمهما .
وقال سائر أصحابنا إن هذا باطل قولا واحدا . واختلفوا في العلة . فقال بعضهم : العلة في بطلانه أنه إذا شرط على البائع حصاده فقد صار شرطا في تأخير القبض والبيع بشرط تأخير القبض باطل .
وقال آخرون بل العلة في بطلانه أنه استأجره على عمل فيما لم يستقر ملكه عليه لأن الزرع على هذا القول لم يملكه المشتري بعد وقال آخرون بل العلة في بطلانه شرط عقدين في عقد فكان في معنى بيعتين في بيعة وذلك باطل . فلو قال قد ابتعت منك هذا الزرع وتحصده لي بدينار جاز على هذا التعليل الأخير لأنه لم يجعل أحدهما شرطا في الآخر ولم يجز على التعليلين الأولين ، وفي معنى هذه المسألة إذا اشترى ثوبا وشرط على البائع خياطته