پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص314

والقسم الرابع : ما كان مختلفا فيه : وهو بيع العبيد والإماء بشرط العتق ففي صحة البيع والشروط ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن الشرط باطل والبيع باطل وبه قال أبو حنيفة وصاحباه إلا أن أبا حنيفة قال : إن أعتقه نفذ عتقه بناء على أصله أن المقبوض عن بيع فاسد ينفذ فيه العتق لكن يضمنه في هذا الموضع بالثمن . وقال صاحباه يضمن بالقيمة وقال الشافعي إن عتقه لا ينفذ فيه لزوال ملكه عنه . ووجه هذا القول في بطلان الشرط والبيع حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله ( ص ) ‘ نهى عن بيع وشرط ‘ فكان على عمومه ، لأن مشتري العبد على الإطلاق مخير بين أن يعتق وبين أن لا يعتق فلما كان إذا اشتراه بشرط أن لا يعتقه بطل البيع لإيقاع الحجر عليه فالشرط واجب إذا اشتراه بشرط أن يعتقه أن يبطل به البيع لإيقاع الحجر عليه بالشرط . وتحرير هذا الاستدلال قياسا أنه شرط مع كمال التصرف فوجب أن يبطل البيع كما لو شرط أن لا يعتقه . ولأنه لو ابتاعه بشرط الكتابة والتدبير فسد البيع . وكذا لو ابتاع دارا بشرط الوقف بطل البيع فوجب إذا ابتاعه بشرط العتق أن يكون مثله في الحكم .

والقول الثاني : أن البيع صحيح والشرط صحيح ووجه رواية هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : كاتبت بريرة على نفسها بتسع أواق في كل سنة أوقية فجاءت ( إلى ) عائشة تستعينها فقالت : لا ولكن إن شئت عددت لهم مالهم عدة واحدة ويكون الولاء لي . فذهبت بريرة إلى أهلها فذكرت لهم ذلك فأبوا عليها إلا أن يكون الولاء لهم . فجاءت إلى عائشة ( فسألتها ما قالت لهم ) فقال لها النبي ( ص ) وما ذاك ؟ أخبرته عائشة رضي الله عنها . فقال لها ابتاعيها وأعتقيها واشترطي لهم الولاء ( فإن ) الولاء لمن أعتق . فاشترتها فأعتقتها فصعد رسول الله ( ص ) المنبر وخطب وقال ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله تعالى إن من شرط شرطا ليس في كتاب الله تعالى فإن الشرط باطل وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق وشروطه أوثق ما بال رجال منكم يقولون أعتق فلانا والولاء لنا إنما الولاء لمن أعتق . فموضع الدلالة منه أن ابتياع بريرة كان بشرط العتق بدليل اشتراط الولاء فصحح النبي ( ص ) البيع مع اشتراطه وأبطل أن يكون الولاء إلا لمعتقه . ولأنه كما كان لو قال له أعتق عبدك عني بألف صح البيع ونفذ العتق وإن لم يستقر للباذل على العبد مال فما استقر بالعقد ملكه وشرط عليه عتقه أولى أن يصح ولأن استحداث الملك لا يمنع من استحقاق العتق ألا ترى أنه لو اشترى أباه صح بيعه ونفذ عتقه فوجب إذا لم ينافيه أن يصح اشتراطه فيه ولأن للعتق فضل مزية على غيره من الشروط لأنه ينفذ في الملك ويسري إلى غير الملك ويقع باختيار وغير اختيار فيمن اشترى والدا أو ولدا فوجب أن يكون له فضل مزية على غيره من الشروط في صحة العقد به وإن بطل بغيره وليس لاعتبار اشتراط