الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص311
وإذا كان كذلك فلا يخلو حال من تعامله ببيع أو قرض أو تقبل هبة أو هدية من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون ممن يتوقى الشبهة ويعلم أن ماله حلال فمعاملة مثله هي المستحقة .
والثاني : أن يكون ممن يبيع الحرام وقد تعين لنا تحريم ماله فمعاملة هذا حرام والعقود معه على أعيان ما بيده من هذه الأموال باطلة لا يجوز لأحد أن يتملك عليه شيئا منها .
والثالث : أن يكون من طالبي الشبهة وملتمسي الحرام لكن ليس يتعين ذلك المال لاختلاطه بغيره من الحلال كاليهود الذين في أموالهم الربا وأثمان الخمور وقطاع الطريق وعمال الضرائب وكالسلطان الجائر الذي قد يأخذ الأموال من غير وجهها إلى من جرى مجراه فتكره معاملتهم لما وصفنا ورعا واحتياطا ولا يحرم ذلك في الحكم بل يجوز ، لما روي أن النبي ( ص ) اقترض من أبي الشحم اليهودي آصعا من شعير وقد كان ممن لا يتوقى الربا . مع ما أخبر الله تعالى في كتابه عن كافة اليهود بقوله تعالى : ‘ ( سماعون للكذب أكالون للسحت ) ولأن الله تعالى قد أمرنا بأخذ الجزية من اليهود ولو حرمت علينا أموالهم لما جاز أن نأخذها في جزيتهم ، ولأنهم إذا أسلموا أقروا على أموالهم ولو حرمت لحرم إقرارهم عليها بعد إسلامهم ، وقد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رجلا سأله فقال : إن لي جارا يربى أفآكل من ماله فقال : لك مهنأه وعليه مأثمه .