الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص309
الثاني : أن يكون على مسافة ثلاثة أيام فصاعدا فلا يلزم انتظار ماله لبعده عنه وأنه في حكم المعسر .
والثالث : أن يكون على مسافة أكثر من يوم وليلة وأقل من ثلاثة أيام فعلى وجهين :
أحدهما : ينتظر به حضور ماله كما لو كان على مسافة أقل من يوم وليلة ويحجر عليه في المبيع في ماله حتى يحضر الثمن .
والوجه الثاني : لا ينتظر به لبعد المسافة وأنهما في حكم ما زاد على الثلاث . فعلى هذا ما الذي يستحقه البائع إذا لم ينتظر ؟ فيه وجهان :
أحدهما : يجعل كالمفلس ويخير البائع بين أن يرجع بعين ماله . وبين أن يصبر بالثمن في ذمة المشتري إلى حين وجوده ، فإن صبر به أطلق تصرف المشتري في المبيع وغيره .
والوجه الثاني : أن حكم المفلس منفي عنه لوجود المال وإن بعد منه ، ولكن تباع السلعة المبيعة ليصل البائع إلى حقه منها فإن بيعت بقدر ما للبائع من الثمن دفع إليه ذلك وقد استوفى حقه . وإن بيعت بأكثر رد الفاضل على المشتري ، وإن بيعت بأقل كان الباقي دينا للبائع في ذمة المشتري .
أحدها : أن الحاكم يأمرهما بإحضار ذلك إلى مجلسه .
والثاني : أنه يدعهما حتى يتطوع أحدهما فيجبر الآخر على تسليم ما في مقابلته .
والثالث : ينصب الحاكم أمينا يدفعان ذلك إليه حتى يسلم إلى كل واحد منهما حقه .
فأما القول الرابع : وهو أنه يجبر البائع أولا ثم المشتري فلا يجيء في هذا الموضع لأنه ليس يتعين أحدهما بأنه بائع والآخر بأنه مشتر . ولو كان المبيع عرضا بعرض وهما أو أحدهما مما لا ينقل فليس إلا قولين :
أحدهما : أن الحاكم يدعهما حتى يتطوع أحدهما ثم يجبر الآخر .
والثاني : أنه ينصب لهما أمينا ولا يجيء القولان الآخران لأن إحضار ذلك إلى مجلس الحكم غير ممكن فبطل هذا القول . وليس يتعين أحدهما بأنه بائع فيجبر فيبطل أيضا هذا القول والله أعلم .