پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص308

على أخذها منهم . فعلى هذا إذا أحضرا ذلك إلى الحاكم فتلف في مجلسه كان من ضمان صاحبه فإن كان التالف هو المبيع فيبطل البيع لتلفه قبل القبض وإن كان الثمن هو التالف لم يبطل البيع وعلى المشتري أن يأتي ببدله إلا أن يكون الثمن معينا فيبطل البيع أيضا بتلفه .

والقول الثاني : أن الحاكم يدعهما جميعا ولا يجبر واحدا منهما لأن لكل واحد منهما حقا في حبس ما بيده وليس أحدهما أحق من صاحبه لكن يمنعهما من التخاصم فأيهما تطوع يدفع ما بيده وجب على الحاكم حينئذ أن يجبر الآخر على تسليم ما في مقابلته وهذا القول حكاه عن بعض المشرقيين أيضا .

والقول الثالث : أن الحاكم ينصب لهما أمينا عدلا ويأمر كل واحد منهما بتسليم ما بيده إليه حتى إذا صار الجميع معه سلم المبيع إلى المشتري والثمن إلى البائع وحكي هذا القول عن سعيد بن سالم القداح وقال أبو إسحاق المروزي يجعل وهذا القول الأول واحدا وتخرج المسألة على ثلاثة أقاويل وامتنع سائر أصحابنا من جعلهما قولا واحدا وأن كل واحد منهما مخالف لصاحبه لأن الدفع والتسليم في القول الأول إلى الحاكم وكان بحكمه وها هنا الحكم منه في نصب الأمين والأمر بالتسليم فاختلفا .

والقول الرابع : وهو الذي اختاره لنفسه أن الحاكم يجبر البائع على تسليم المبيع إلى المشتري أولا فإذا سلمه إليه أجبر المشتري على تسليم الثمن إليه ووجه هذا القول أن استقرار العقد معتبر بوجود القبض فوجب إجبار البائع عليه ليستقر العقد به . ولأن البائع يقدر على التصرف في الثمن قبل قبضه بالحوالة ويأخذ بدله والمشتري لا يقدر على ذلك في المبيع إلا بقبضه فأجبر البائع عليه ليتساويا فيه ، ولأن المبيع معين والثمن في الذمة غير معين وما تعلق بالأعيان أحق بالتقديم مما ثبت في الذمم كالرهن في أموال المفلس فعلى هذا إذا سلم البائع المبيع إلى المشتري لم يخل حال المشتري من أحد أمرين :

إما أن يكون موسرا بالثمن أو معسرا فإن كان معسرا بالثمن فهذا مفلس والبائع بالخيار بين أن يرجع بعين ماله وبين أن يصبر به في ذمة المشتري مع إعساره وإن كان موسرا بالثمن فلا يخلو حال ماله من أحد أمرين :

إما أن يكون حاضرا أو غائبا فإن كان ماله حاضرا أجبر على دفع الثمن إلى البائع ويكون ممنوعا من التصرف في المبيع وسائر ماله حتى يدفع الثمن إلى البائع ثم يطلق تصرفه فيه حينئذ ، وإنما استحق الحجر في المبيع وجميع ماله لأنه ربما استهلكه بتصرفه ولا يصل البائع إلى المبيع ولا إلى ثمنه . وإن كان ماله غائبا فله ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يكون على مسافة أقل من يوم وليلة فهذا في حكم الحاضر وينتظر به حضور ماله بعد الحجر عليه في المبيع وسائر ماله إذا أحضر الثمن فك حجره وأطلق تصرفه .