الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص293
الواحد تنافيا وكانا كلا معنى وكان أولاهما به ما أشبه قوله الذي لم يختلف قال وأخبرني بعض أصحابنا عن المزني رحمه الله أنه يختار الصفقة ويراه أولى قولي الشافعي ‘ .
قال الماوردي : أما الصفقة فإنها عبارة عن العقد لأن العادة من المتعاقدين جارية أن يصفق كل واحد منهما على يد صاحبه عند تمام العقد وانبرامه . وقد روي أن النبي ( ص ) قال لحكيم بن حزام : بارك الله لك في صفقتك . فالصفقة هي العقد ولا يخلو حالها إذا جمعت شيئين من ثلاثة أقسام إما أن يكونا حلالين أو حرامين أو أحدهما حلالا والآخر حراما فإن كانا حلالين صح العقد فيهما وإن كان من جنسين كرجل اشترى ثوبا وسيفا بدينار كان الثمن مقسطا على قيمتها وإن كانا من جنس واحد فعلى ضربين :
أحدهما : أن تكون أجزاؤهما مختلفة كرجل اشترى ثوبين بدينار أو عبدين فإن الثمن يتقسط على قيمتهما .
والثاني : أن تكون أجزاؤهما متماثلة كالحبوب والمائعات فإن الثمن يتقسط على أجزاؤهما وإن كانت الصفقة جمعت حرامين فالعقد باطل فيهما سواء كانا من جنسين كخنزير وزق خمر أو كانا من جنس واحد كزقين من خمر .
وإن كانت الصفقة جمعت حلالا وحراما كحر وعبد أو خل وخمر أو ملك وغصب فإن العقد في الحرام باطل وفي الحلال على قولين إلا أن يذكر قسط الحلال من الثمن فيصح لأن تمييز ثمنه يجعله كالعقدين .
وقال أبو حنيفة : إن كان الحرام المضموم إلى الحلال ليس بمال كخل وخمر أو عبد وحر بطل العقد أيضا في الحلال وإن كان الحرام في حكم المال كعبد تملكه وعبد غصبه أو جاريته وأم ولده صح العقد في الحلال وإن بطل في الحرام وليس يفترق الحكم بذلك عندنا على القولين معا .
فإذا قلنا ببطلان البيع في الحلال فله علتان :
أحدهما : أنه ببطلان البيع في الحرام يبطل من الثمن ما قابله فيصير الباقي بعده مجهولا وجهالة الثمن تبطل البيع فوجب أن يكون البيع الحلال باطلا لجهالة ثمنه .
والعلة الثانية : أنها لفظة واحدة قد جمعت حراما وحلالا وتبعيضها غير ممكن وتغليب أحد الحكمين واجب فكان تغليب حكم الحرام في إبطال العقد على الحرام أولى من تغليب الحلال في تصحيح العقد على الحلال لأن تصحيح العقد على الحرام لا يجوز وإبطال العقد على الحلال يجوز وكان ذلك بمثابة بيع درهم بدرهمين لما كان الدرهم بالدرهم والدرهم حلالا الزائد حراما بطل البيع في الجميع تغليبا لحكم التحريم .
وإذا قلنا بصحة البيع في الحلال فوجهه شيئان :
أحدهما : أنه لما كان لو أفرد كل واحد منهما بالعقد خالفه حكم صاحبه وجب إذا