الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص289
فإن قالوا إنما أنكرت البيع الثاني لأنها قالت بئس ما اشتريت وبئس ما ابتعت تكريرا لإنكار البيع الثاني قيل هذا غلط لأنها قالت بئس ما شريت بمعنى بعت ، قال الله تعالى : ( وشروه بثمن بخس ) [ يوسف : 20 ] أي باعوه ، وقال الشاعر :
والجواب الثالث : أنه لو سلم أن إنكار عائشة رضي الله عنها توجه إلى البيع الثاني ، دون الأول لما كان فيه دليل لأن زيدا خالفها وإذا اختلف الصحابيان وكان القياس مع أحدهما كان قول من عاضده القياس أولى والقياس مع زيد دون عائشة رضي الله عنها فإن قيل فليس الاحتجاج بقول عائشة وإنما الاحتجاج بالتوقيف في قولها لأنها لا تبطل جهاد زيد باجتهادها . قيل لا يصح حمل قولها على التوقيف من وجهين :
أحدهما : أنه إثبات نص باستدلال وإبطال قياس باحتمال .
والثاني : إمكان مقابلة ذلك بمثله في حمل ما ذهب إليه زيد على التوقيف فإذا أمكن معارضة الشيء بمثله سقط وليس ما ذكرته عائشة رضي الله عنها من أن زيدا قد أبطل جهاده دليل على توقيف لأنه لا يجوز أن يضاف إلى أحد من الصحابة أنه علم بنص فخالفه وإن لم يعلم به لم يبطل اجتهاده وليس هذا القول منها إلا كقول ابن عباس رضي الله عنه ألا يتقي الله زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أب الأب أبا وكقوله في العول ما جعل الله في المال نصفا وثلثين من شاء باهلته عند الحجر الأسود يعني لاعنته ولم يدل هذا القول منه مع ما فيه من الوعيد والملاعنة على أن في الجد والعول نصا .
وأما الجواب عن حديث ابن عباس رضي الله عنه فهو الجواب عن حديث عائشة رضي الله عنها .
وأما الجواب عن قولهم أنه ذريعة إلى الربا الحرام فغلط بل هو سبب يمنع من الربا الحرام وما منع من الحرام كان ندبا ألا ترى إلى حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ( ص ) استعمل رجلا على خيبر فجاءه بتمر جنيب فقال رسول الله ( ص ) ‘ أكل تمر خيبر هكذا ‘ قال لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع بالصاعين والصاعين بثلاثة فقال رسول الله ( ص ) لا تفعل بع الجمع بالدراهم واشتر بالدراهم جنيبا والجمع هو التمر المختلط الرديء والجنيب هو الجيد فجعل ذلك ذريعة إلى ترك الربا وندب إليه .
وأما الجواب عن قولهم أنه قد استفضل زيادة ليست في مقابلة عوض . أنه إذا انفرد