الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص249
فصل :
فإذا اشترى عبدا قد سرق وهو غير عالم بسرقته حتى قطع في يده فقال أبو العباس ابن سريج له رده واسترجاع ثمنه وهو قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد : لا يرده ويرجع بنقصان عيبه في هذه المسألة عندي نظر ، ولقول أبي يوسف وجه ولكن لو قطعت يده قودا لم يكن له الرد اتفاقا لأن القود لا يتحتم ويصح العفو عنه والقطع في السرقة لا يصح العفو عنه .
فصل :
وإذا اشترى رجل من رجل عصيرا حلوا ، وكان معيبا فلم يعلم المشتري بعيبه حتى صار خمرا فللمشتري أن يرجع بأرش عيبه ، وليس له رد الخمر واسترجاع ثمنه سواء رضي البائع بقبوله خمرا أم لا لتحريم المعاوضة على الخمر فلو صار الخمر خلا فقال البائع أنا أسترجع الخل وأرد الثمن ولا أدفع الأرش كان له ذلك لأن الخل هو عين العصير وليس فيه معنى يمنع من المعاوضة عليه ولا للمشتري فيه عمل يمنع من الرد خوفا من تفويت عامله عليه وهذا من تفريع أبي العباس .
فصل :
وإذا اشترى نصراني من نصراني خمرا ثم أسلما فوجد المشتري بالمبيع عيبا ينقص العشر من ثمنه ، قال أبو العباس للمشتري أن يرجع على البائع بأرش عيبه وهو عشر الثمن ولا يبطل ذلك بإسلامهما وهو قول محمد بن الحسن فإن قال البائع أنا آخذ الخمر وأرد الثمن لم يكن ذلك له وإن لم يرجع المشتري بنقصان العيب حتى صار الخمر خلا في يد المشتري فقال البائع أنا آخذ الخل وأرد الثمن جاز ولو كان المشتري وقف على عيب الخمر قبل إسلامهما فلم يرده بالعيب حتى أسلما لم يكن للمشتري بعد إسلامه الرد ولا الرجوع بالأرش أما الرد فلحدوث الإسلام وأما الأرش فلإمكان الرد قبل الإسلام ولو كان قد أسلم البائع وحده بعد تبايع الخمر لم يجز للمشتري رده عليه بالعيب ، ولو كان المشتري قد أسلم وحده جاز أن يرده بالعيب لاسترجاع تملكه الخمر والمسلم لا يجوز أن يتملك الخمر ورد المشتري إزالة الملك والمسلم يجوز أن يزيل تملكه عن الخمر .
فصل :
وإذا اشترى شاة فذبحها ، ثم وجد بها بعد الذبح عيبا فله الرجوع بأرشها فإن رضي البائع بقبولها مذبوحة فلا أرش للمشتري لإمكان الرد ، ولا أجرة على البائع للذبح إن ردت عليه لأن الذبح أثر هو نقص . وإن كان المبيع ثوبا قد خاطه المشتري استحق أرشه بالعيب وإن رضي البائع بقبوله مخيطا لأن في الخياطة عيبا قائمة وأثرا زائدا .
ولكن لو كان المبيع غزلا فنسجه المشتري ثم وجد فيه عيبا كان له الرجوع بأرشه فإن رضي البائع بقبوله منسوجا بعينه ففيه قولان حكاهما ابن سريج :
أحدهما : أن للمشتري الخيار إن شاء رده منسوجا ولا أجرة له على البائع وإن شاء أمسكه معيبا لأن النساجة أثر لا يمتلك .