الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص232
أحدهما : أن يقول أقبضه لي ثم خذه لنفسك بذلك الكيل فيكون القبض له صحيحا ولا يجوز أن يأخذه القابض لنفسه بذلك الكيل حتى يستأنف كيله عليه ويكون له زيادته المحتملة وعليه نقصانه المحتمل ، ثم هو قبل استيثاق كيله مضمون على قابضه لأنه أخذه لنفسه عن قبض فاسد .
والضرب الثاني : أن يقول أقبض ممن لي عليه الطعام لنفسك فلا يصح أن يكون مقبوضا لهذا الذي اكتاله لنفسه وهل يصح أن يكون مقبوضا للأول حتى تبرأ منه ذمة من كان الطعام عليه ؟ على وجهين خرجهما ابن أبي هريرة :
أحدهما : يصح القبض الأول وتبرأ منه ذمة من كان عليه لأنه مقبوض عن إذن مستحقه ويكون القبض الثاني فاسدا .
والوجه الثاني : أن كلا القبضين فاسد لأن القبض لم يكن لمستحقه لكنه مضمون على الآخر لأنه مقبوض عن إذنه ومضمون على قابضه لأنه قد أخذه من حقه أو يستأنفان كيلين كيلا للأول وكيلا للثاني فما زاد بالكيل الأول أو نقص ففي حق الدافع وما زاد بالكيل الثاني أو نقص ففي حق الآمر .
قال الماوردي : وهذه المسألة مصورة فيمن حل عليه طعام من سلم فدفع إلى من له عليه الطعام دراهم ليشتري بها طعاما فلا يخلو ذلك من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون دافع الدراهم قد أمره أن يشتري بها طعاما لنفسه ويقبضه لنفسه أعني لدافع الدراهم ثم يأخذ بالكيل الذي قد اكتاله فهذا الشرط جائز والقبض صحيح للدافع لأنه ابتاع وقبض عن وكالة صحيحة ولا يجوز للوكيل أن يأخذ ذلك الطعام لنفسه بالكيل الأول حتى يستأنف دافع الدراهم كيله عليه فإن أخذه بذلك الكيل صار مضمونا عليه بقبض فاسد .
والحالة الثانية : أن يأمره أن يشتري الطعام لنفسه أعني لدافع الدراهم ويقبضه الوكيل لنفسه بدلا من طعامه فالشراء جائز أيضا للدافع الموكل ولا يصح أن يقبضه الوكيل لنفسه وهل يكون ذلك مقبوضا للدافع الموكل على ما ذكرنا من الوجهين :
والحالة الثالثة : أن يأمره بالشراء ليكون الشراء للوكيل حتى يشتريه لنفسه بدلا من طعامه فهذا غير جائز لأنه لا يصح أن يشتري شيئا لنفسه بمال غيره فإذا اشترى الوكيل بتلك