الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص223
ثبوتها إلى جواز التصرف فجاز قبل القبض وإن عدم التصرف والبيع عقد تراض يفتقر ثبوته إلى جواز التصرف فلم يجز قبل القبض لعدم التصرف .
وأما القسم الثاني : وهو ما لا ينفذ فيه تصرفه فيه فهو ما كان من عقود المعاوضات كصداق الزوجات أو أجور المستأجرات أو عقود الإجارات أو صلح في حقوق ومطالبات فكل هذا وما شاكله باطل فإذا جعل المبيع صداقا لزوجة في عقد النكاح بطل الصداق ولم يبطل النكاح ولو جعله أجرة لدار استأجرها كانت الإجابة باطلة لوهاء تصرفه في الأجرة ولو كان المبيع دارا فأجرها بطلت الإجارة لوهاء تصرفه في الدار المؤجرة ولو جعله صلحا على دين كان صلحا باطلا لأن الصلح بيع .
وأما القسم الثالث : وهو ما اختلف قوله فيه : فالكتابة والرهن والهبة فإذا كاتب العبد الذي ابتاعه قبل قبضه ففي الكتابة قولان : أصحهما باطلة لأنها عقد معاوضة والثانية صحيحة لأن المغلب فيها العتق وأما الرهن فإن كان الثمن باقيا على المشتري أو بعضه كان رهنه باطلا لأنه مرهون على ثمنه وإن كان قد دفع جميع ثمنه ففي جواز رهنه قولان :
أحدهما : باطل لأنه ما لا يجوز بيعه لا يجوز رهنه .
والثاني : جائز لأنه لما جاز أن يكون مرهونا على ثمنه جاز أن يكون مرهونا على غير ثمنه .
وأما هبته قبل قبضه ففيها قولان : من اختلاف قوليه هل يلزم فيها المكافأة أم لا ، فإذا قيل بوجوب المكافأة فيها بطلت الهبة لأنها معاوضة وإذا قيل إن المكافأة لا تجب فيها صحت الهبة فإن كانت لأجنبي احتاج الواهب أن يقبضها من البائع بنفسه أو وكيله ليستقر له ملكها ويسقط عن البائع ضمانها ، ثم يدفعا إلى الموهوب له ليتم له هبتها فلو أذن الواهب للموهوب له أن يقبضها من البائع قبضها منه لم يصح لأنهما عقدان يلزم في كل واحد منهما القبض فلم يكن العقد واحدا نايبا عن عقدين ثم ينظر فإن كان الموهوب له قبضها لنفسه لم يكن ذلك قبضا لا عن البيع ولا عن الهبة ، أما عن البيع فلأن القبض لم يكن للمشتري وأما عن الهبة فلأنه لا يصح إلا بعد قبض المبيع والبائع ضامن لها بالثمن حتى لو تلف بطل البيع لعدم القبض فيه والمشتري الواهب ضامن لها بالقيمة حتى إن تلفت غرمها للبائع لأنها مقبوضة عن أجرة بوجه معاوضة .
وهل يكون الموهوب له ضامنا بالقبض أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا ضمان عليه لأنه ليس معاوضة .
والثاني : عليه الضمان لأن يده دخلت من جهة الواهب ، فإن كان الموهوب له قبضها للواهب المشتري صح القبض في البيع وبرئ البائع من الضمان وضمنها المشتري بالثمن