الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص219
تقييد بالضرورة ، ولأن الضرورة لا تتصور فيه لأن معه التمر فهو غير مضطر إلى الرطب فإنما يريده شهوة ولو كان إليه مضطر لزالت ضرورته بصاع منه وقد أبيح له أكثر منه فعلم أن اعتبار الضرورة فيه غير صحيح فإذا ثبت جوازه للمضطر وغيره جاز للرجل أن يبيع جميع حائطه عرايا في عقود شتى ولو كان فيه ألف وسق إذا وفى كل عقد شرطه وكذا يجوز للرجل أن يشتري بألف وسق من تمر عرايا في عقود شتى إذا أوفى كل حق شرطه لأن حكم كل عقد معتبر بنفسه لا تعلق له بغيره . والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال . العرية جائزة في الكرم بجوازها في النخل لكن اختلف أصحابنا هل جازت في الكرم نصا أو قياسا على وجهين : أحدهما : وهو قول البصريين أنها جازت في الكرم نصا مرويا عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي ( ص ) أرخص في العرايا والعرايا بيع الرطب بالتمر والعنب بالزبيب .
والوجه الثاني : وهو قول ابن أبي هريرة وطائفة من البغداديين أنها جازت في الكرم قياسا على النخل لبروز ثمرتها وإمكان الخرص فيهما وتعلق الزكاة بهما ثم يعتبر في بيع الزبيب بالعنب الشروط المعتبرة في بيع التمر بالرطب ، فأما العرايا في سائر الثمار كالتفاح والمشمش والإجاص والخوخ فمذهب الشافعي أنها غير جائزة وقال الشافعي في كتاب البيوع الكبير في الأم ولو قال قائل يجوز التحري فيها كان مذهبا وكان بعض أصحابنا لأجل هذا الكلام يخرج ذلك على قولين ، وامتنع سائرهم من تحريم القولين وأبطلوا العرية فيما سوى النخل والكرم قولا واحدا لمباينة النخل والكرم ما سواهما من الأشجار من بروز الثمرة وإمكان الخرص ووجوب الزكاة وحصول الاقتيات والله أعلم بالصواب .