الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص214
مواساة ، ومحاباة ، ومراضاة ، فأما المواساة فهي أن يتصدق الرجل ببعض نخله على الفقراء ، أو يمنح به قوما بأعيانهم من المساكين ويفرده عن باقي ملكه فيصير عرية متميزة وهذا مستحب ، وقد روي عن النبي ( ص ) أنه كان يقول لخراصه : خففوا الخرص فإن في المال العرية والوصية . ما ذكرنا من المواساة ، وأما المحاباة : وهو أن الخراص كانوا إذا خرصوا نخل رجل تركوا بعض نخله عرية لا تخرص عليه ليأكلها علما بأنه سيتصدق منها بأكثر من ثلثها وهذا جائز قد روى سهل بن أبي حثمة : أن النبي ( ص ) قال : ‘ إذا خرصتم فدعوا لهم الثلث فدعوا لهم الربع ‘ وأما المراضاة فقد اختلف الفقهاء فيها وفي المزاد منها ، فذهب الشافعي إلى أنها بيع الرطب خرصا على رؤوس النخل بمكيلة تمرا على الأرض في خمسة أوسق أو أقل مع تعجيل القبض وقال مالك : ‘ العرية أن تهب رجلا ثمر نخلات من حائط فتتم الهبة عنده بالقبول وحده ثم يكره مشاركة غيره ولا يقدر على الرجوع في هبته فله أن يبتاع ذلك جبرا بخرصه تمرا ويجريه مجرى الشفعة خوفا من سوء المشاركة .
وقال أبو حنيفة : بل هذه العرية أن تهب الرجل ثمر نخلات لا يقبضها ثم يبدو له فكرة الرجوع فيها فيتراضيا على تركها ودفع خرصها تمرا مكانها فيجوز فأما بيع الرطب على النخل خرصا بمثله من التمر كيلا فلا يجوز استدلالا بحديث نافع عن ابن عمر أن رسول الله ( ص ) ‘ نهى عن المزابنة ‘ والمزابنة بيع التمر بالتمر كيلا وبيع الكرم بالزبيب كيلا وهذا عام والله أعلم . وقد روى جابر رضي الله عنه عن النبي ( ص ) ‘ أنه نهى عن بيع كل ثمرة تخرص ‘ وهذا أحق قال : ولأنه لما لم يجز بيع الرطب بالتمر خرصا فأولى أن لا يجوز على النخل وتجويزه قياسا أنه بيع رطب بتمر خرصا فأشبه إذا كان على الأرض ولأن كل ما لم يجز بيع كثيره بالخرص لم يجز بيع قليله كالبر بالبر والله أعلم قال ولأن كل جنس وجب اعتبار التماثل فيه لم يختلف حاله باختلاف أماكنه كالذهب والفضة .
ودليلنا بثبوت السنة الواردة من خمس طرق منها : ما رواه الشافعي عن سفيان عن ابن جريج عن جابر رضي الله عنهم أن رسول الله ( ص ) نهى عن المزابنة والمزابنة بيع التمر بالتمر إلا أنه أرخص في العرايا .
والثاني ما رواه الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن زيد بن ثابت رضي الله عنهم أن رسول الله ( ص ) : أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها .
والثالث ما رواه الشافعي عن سفيان عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن