الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص208
فإن قال : لأن النبي ( ص ) جعل الثلث في حد الكثرة ، وما دونه في حد القلة فقال : ‘ الثلث والثلث كثير ‘ .
قيل : فالثلث جعله النبي ( ص ) في حكم ما دونه في جواز الوصية به ، وأنت جعلته في حكم ما زاد عليه فقد خالفت فيما تعلقت به ، ومعنى قوله والثلث كثير ، أي كثير القليل لأجل أنه ملحق بما هو أقل منه .
فأما الجواب عن حديث سفيان أنه أمر بوضع الجوائح فمن ثلاثة أوجه :
أحدها : ما قاله الشافعي من أنه حديث معلول لا يصح الاحتجاج به لأن سفيان وهنه ، لأنه قال قد كان بعد نهيه عن بيع السنين ، وقبل أمره بوضع الجوائح كلاما لم أحفظه فيجوز أن يكون فيما لم يحفظه ما يدل على مراده بوضع الجوائح وبصرف حكمه عن ظاهره والله أعلم .
والجواب الثاني : وهو قول أبي إسحاق أنه محمول على وضع الجوائح في بيع السنين المقترن به ، وما في معناه من بيوع الثمار الفاسدة .
والجواب الثالث : لبعض المتأخرين من أصحابنا : أن أمره بوضع الجوائح محمول على وضعها عن البائع دون المشتري ؛ لأنه يحتمل الأمرين ، وليس أحدهما أولى من الآخر والله أعلم .
وأما الجواب عن الخبر الثاني قوله فلا يأخذ منه شيئا فمن وجهين :
أحدهما : وهو جواب الطحاوي أنه محمول على ما قبل التسليم .
والثاني : أنه محمول على الندب والإرشاد كما قال تألا فلان أن لا يفعل خيرا .
وأما الجواب عن قولهم أنها على رؤوس نخلها غير مقبوضة لأجل ما ثبت من الخيار بحدوث العطش فمن وجهين :
أحدهما : وهو جواب ابن أبي هريرة رضي الله عنه أن ثبوت الخيار لا يمنع من ثبوت القبض ، قال لأن المقبوض في خيار الثلاث يستحق رده بما حدث من العيوب في زمان الخيار وإن كان القبض تاما فكذا الثمرة ولا يكون الخيار دليلا على عدم القبض .
والجواب الثاني : أن خيار العطش إنما استحقه المشتري لوجوب السقي على البائع ، ولم يكن له بالتلف رجوع لأن الحط لا يجب على البائع .
وقول ابن أبي هريرة رحمه الله إن ما حدث بيد المشتري من العيب من زمان الخيار