الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص207
لا يفعل ، فأتت أمه إلى رسول الله ( ص ) فأخبرته بذلك فقال رسول الله ( ص ) : ‘ تألى فلان أن لا يفعل خيرا ‘ .
فموضع الدلالة من وجهين :
أحدهما : أن النبي ( ص ) أخرج الحط عن المشتري مخرج الخير والفضل لا مخرج الوجوب والحتم .
والثاني : أنه لم يجبر البائع على الحط عن المشتري حتى بلغ البائع ذلك فتطوع بحطه عنه ، ولو كان واجبا لأجبره عليه .
وروى الشافعي عن يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري أن رجلا اشترى ثمرا فأصيب فيها فكثر دينه ، فقال النبي ( ص ) تصدقوا عليه ، فتصدق الناس عليه ، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال النبي ( ص ) : ‘ خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك ‘ .
فلو أن الجوائح مضمونة على المشتري لما أحوجه إلى الصدقة وجعل لغرمائه ما وجدوه ولكان يجعلها مضمونة على بائعها ويضعها على المشتري .
ومما يدل على ذلك أيضا أن الثمرة تصير مقبوضة على رؤوس نخلها بالتمكين والتخلية بدليل أن للمشتري بيعها بعد التمكين منها ، ولو لم تكن مقبوضة لم يجز ، وتلف بعد القبض كان من ضمان المشتري دون البائع .
ثم من الدليل على ذلك : أن كل ما كان مضمونا على المشتري فيما دون الثلث ، كان مضمونا عليه فيما زاد على الثلث قياسا على غير الثمار .
فإن قال مالك : إن ما دون الثلث يلقطه الطير ، وتنشره النحلة غالبا فضمه المشتري للعرف فيه ، وليس كذلك ما زاد على الثلث وبالجائحة .
قيل : هذا غلط لأن ما يكون من ضمان أحد المتبايعين لا يقع الفرق فيه بين تلف قليله أو كثيره بعرف معتاد أو غيره .
ثم يقال لما جعلته محددا بالثلث وهلا حددته بأقل منه أو وأكثر .