پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص186

والوجه الثاني : وهو محكي عن أبي إسحاق المروزي أنه ليس بعيب ولا خيار فيه لأن الأرض إذا كانت تصلح للغرس دون الزرع أو تصلح للزرع دون الغرس لم يكن ذلك عيبا لكمال المنفعة بأحدهما ، كذلك ما وجد فيها مانعا من الغرس دون الزرع لم يكن عيبا ولا خيار .

والأصح عندي أن ينظر في أرض تلك الناحية فإن كانت مرصدة للزرع أو بعضها للغرس وبعضها للزرع فليس هذا عيبا ولا خيار فيه .

وإن كانت مرصدة للغرس فهذا عيب وفيه الخيار لأن العرف المعتاد يجري في العقود مجرى الشرط ولعل اختلاف الوجهين محمول على هذا التفصيل فلا يكون في الجواب اختلاف ، لكن ذكرت ما حكى وبينت ما اقتضته الدلالة عندي .

فصل :

فإن كانت الحجارة مبنية في الأرض فهي داخلة في البيع لأنها موضوعة للاستدامة كالبناء الظاهر ، وغالب الحال فيما بني في الأرض من حجر أنه غير مضر بغرس ولا زرع لأن العرف جار ببنيانه في مسنات الأرض ومشاربها ومجاري مياهها ، فإن كانت كذلك فلا خيار للمشتري فيها لأنها زيادة غير مضرة ، فإن كانت الحجارة مبنية بخلاف العرف في موضع مضر بالغرس والزرع فللمشتري خيار الفسخ على ما مضى إلا أن يسهل قلعها لقصر المدة وقلة المؤنة فلا خيار .

فصل :

وإن كانت الحجارة مستودعة في الأرض وهي مسألة الكتاب فهي غير داخلة في البيع لأن ما أودع في الأرض للحرز ولم يوضع للاستدامة والتأبيد فهو كالكنز المدفون يكون للبائع ولا يدخل في البيع ، وإذا كان كذلك لم يخل حال الحجارة من أربعة أقسام :

أحدها : أن يكون تركها غير مضر وقلعها غير مضر .

والثاني : أن يكون تركها مضرا وقلعها مضرا .

والثالث : أن يكون تركها غير مضر وقلعها مضرا .

والرابع : أن يكون قلعها غير مضر وتركها مضرا .

فأما القسم الأول : وهو أن يكون تركها غير مضر لبعدها من عروق الغراس والزرع ، وقلعها غير مضر به لأنه لم يحصل في الأرض غراس ولا زرع فالبيع لازم ولا خيار للمشتري لارتفاع الضرر ، وعلى البائع قلع حجارته فإن سمح بها للمشتري لم يلزمه قبولها لأنها هبة محضة ويؤخذ البائع بقلعها ، فإذا قلعها ، فإن كان المشتري عالما بالحجارة فلا أجرة له على البائع في مدة القلع لأن علمه بها يجعل زمان قلعها مستثنى كما نقر ثمرة البائع على نخل المشتري بغير أجرة لأن العلم بها يجعل زمان بقائها مستثنى .