الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص173
أحدهما : أن البيع باطل لأن المبيع قد اختلط بما لم يتميز عنه قبل استقرار القبض ، فأوقع ذلك جهالة في البيع فأبطله ، ولا يلزم المشتري أن يستحدث هبة ما لم يتناوله العقد ليصح له العقد .
والقول الثاني : أن البيع لا يبطل لكن يقال للبائع اسمح للمشتري بالثمرة الحادثة ، فإن سمح له بها لزم المشتري قبولها ، وإن شح البائع بها وأقاما على الاختلاف والتنازع فيها فسخ الحاكم البيع بينهما .
ووجه هذا القول أن امتياز البائع عن غيره من حين العقد إلى وقت القبض يمنع من طرق الفساد عليه بعد القبض كالاستهلاك ، وسماحه البائع بالحادثة لا تجري مجرى الهبة التي لا يلزم قبولها ، لأن المقصود بها نفي الجهالة وتصحيح العقد ، فشابهت الزيادة المتصلة كالكبر والسمن .
وأما المسألة الثانية وهي مسألة الكتاب فصورتها في رجل باع أرضا ذات شجر مثمر ، أو باع الشجر وحده وفيه ثمر ، فحكم بالثمر للبائع لأجل التأبير ، وبالشجر مع الأرض للمشتري فحدثت ثمرة أخرى قبل أن يتناول البائع ثمرته ، فإن كانت الحادثة تتميز عن الأولى بصغر أو بلون ، أو نضج كانت الأولى للبائع والحادثة للمشتري والبيع على حاله .
وإن كانت الحادثة لا تتميز عن الأولى نقل المزني في البيع قولان كالمسألة الأولى فاختلف أصحابنا فكان أبو علي بن خيران يمنع من تخريجها على قولين وينسب المزني إلى الغلط في نقله ، ويقول البيع صحيح قولا واحدا .
لأن اختلاط الحادثة بالمتقدمة اختلاط في غير المبيع لأن عقد البيع إنما يتناول الأرض والشجر وما كان عليه من الثمرة لم يدخل في العقد وما حدث من الثمرة لا يوجد وقت العقد ، فلا يوقع ذلك فسادا في العقد .
وكان أبو إسحاق المروزي وطائفة يخرجون هذه المسألة على قولين :
أحدهما : أن العقد باطل لما ذكرنا .
والثاني : جائز ويقال للمشتري اسمح بالحادثة ، فإن سمح لزم البيع ، وإن شح بها قيل للبائع أتسمح بالمتقدمة للمشتري ، فإن سمح بها ( له ) لزم البيع ، وإن شح وتنازعا فسخ الحاكم البيع بينهما .
وما ذكره ابن خيران أصح جوابا وتعليلا ، وإن كان نقل المزني صحيحا والإذعان للحق أولى من نصر ما سواه ، وعلى ما يقتضيه مذهب ابن خيران إن تراضيا واتفقا على قدر