پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص159

والطريق الثانية لأصحابنا في المسألة من جهة القياس والنظر على ما قدمناه من السنة والأثر هو أن كل ما كان فيه الربا لم يجز أن يباع بأصله الذي فيه منه كالدبس بالتمر ، والشيرج بالسمسم ، ولأن كل جنس فيه الربا لا يجوز أن يباع ما زال عن حال البقاء بأصله الذي هو على حال البقاء كالدقيق بالحنطة وكذا اللحم بالحيوان . وأما الجواب عن قولهم بأنه يبيع ما فيه الربا بما لا ربا فيه كاللحم بالجلد فهو أن الجلد ليس فيه لحم فلذلك جاز بيعه باللحم وليس كذلك الحيوان لأن فيه لحما كما لا يجوز بيع لب الجوز بالجوز ويجوز بيعه بقشور الجوز وبمثله يجاب عن الاستدلال الآخر .

فصل :

فإن صح ما ذكرنا فلا يخلو حال الحيوان من أحد أمرين إما أن يكون مأكولا أو غير مأكول فإن كان مأكولا فلا يجوز بيعه باللحم بحال سواء كان اللحم من جنسه كلحم الغنم بالغنم أو من غير جنسه كلحم الطير بالغنم وكذلك لا يجوز بيع لحم الجزور بالعصفور ، وفي جواز بيعه بالسمك وجهان من اختلاف أصحابنا في السمك هل هو صنف من اللحم أم لا ؟ وفي جواز بيع اللحم بالسمك الحي أيضا وجهان :

أحدهما : لا يجوز ؛ لأنه لحم لحيوان .

والثاني : يجوز ؛ لأن حي السمك في حكم ميته بخلاف الحيوان ، فأما إن كان الحيوان غير مأكول كالبغل والحمار ففي جواز بيعه باللحم قولان :

أحدهما : لا يجوز لعموم النهي ، وبه قال من أصحابنا من زعم أن دليل المسألة اتباع السنة .

والقول الثاني : أنه يجوز لأنه حيوان ليس فيه لحم مأكول وبهذا قال من أصحابنا من زعم أن دليل المسألة اتباع القياس فأما بيع الشحم بالحيوان فعلى وجهين مخرجين من هذين القولين :

أحدهما : يجوز إذا قيل إن طريق المسألة اتباع السنة لأن السنة خصت اللحم دون الشحم .

والثاني : لا يجوز إذا قيل إن طريقها القياس ؛ لأن في الحيوان شحما ، وكذا بيع الحيوان بالكبد والطحال على هذين الوجهين ولما بيع الحيوان بالجلد والعظم فيجوز على الوجهين ؛ لأن الجلد والعظم ما لا ربا فيه بخلاف اللحم ، وكذا بيع البيض بالدجاج يجوز على الوجهين معا بخلاف اللحم ؛ لأن اللحم بعض الحيوان وليس البيض بعض الدجاج ، وكذا بيع اللبن بالحيوان يجوز فإن قيل : فاللبن عند العرب لحم روي أن نبيا شكا إلى الله عز وجل الضعف فأوحى إليه أن كل اللحم باللحم يعني اللبن باللحم وقال الشاعر :