پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص158

أحدهما : اتباع السنة والأثر دون القياس والنظر ، وهو ما رواه الشافعي بإسناده عن سعيد المسيب أن النبي ( ص ) نهى عن بيع اللحم بالحيوان .

فإن قيل فحديث سعيد بن المسيب مرسل والمراسيل عند الشافعي ليست حجة قيل أما مراسيل غير سعيد بن المسيب فليست عند الشافعي بانفرادها حجة ، وأما مراسيل سعيد فقد حكي عن الشافعي أنه أخذ بها في القديم وجعلها على انفرادها حجة ، وإنما خص سعيد بقبول مراسيله ، لأمور منها أن سعيدا لم يرسل حديثا قط إلا وجد من طريق غيره مسندا ، ومنها أنه كان قليل الرواية لا يروي أخبار الآحاد ولا يحدث إلا بما سمعه عن جماعة أو عضده قول الصحابة رضي الله عنهم ، أو رآه منتشرا عند الكافة ، أو وافقه فعل أهل العصر ، ومنها أن رجال سعيد بن المسيب الذين أخذ منهم وروى عنهم هم أكابر الصحابة وليس كغيره الذي يأخذ عمن وجد ، ومنها أن مراسيل سعيد سيرت فكانت مأخوذة عن أبي هريرة وكان يرسلها لما قد عرفه الناس من الأنس بينهما والوصلة ، وإن سعيدا كان صهر أبي هريرة على ابنته فصار إرساله كإسناده عن أبي هريرة ، ومذهب الشافعي في الجديد : أنه مرسل سعيد وغيره ليس بحجة ، وإنما قال مرسل سعيد عندنا حسن لهذه الأمور التي وصفنا استئناسا بإرساله ثم اعتمادا على ما قاربه من الدليل ، فيصير المرسل حينئذ مع ما قاربه حجة ، والذي يصير به المرسل حجة أحد سبعة أشياء : إما قياس أو قول صحابي ، وإما فعل صحابي ، وإما أن يكون قول الأكثرين ، وإما أن ينتشر في الناس من غير دافع له وإما أن يعمل به أهل العصر ، وإما أن لا يوجد دلالة سواه ، وقد اتصل بمرسل سعيد هذا أكثر هذه السبعة فمن ذلك إسناد غيره ، وهو ما روي عن مالك عن الزهري عن سهل بن سعد الساعدي أن النبي ( ص ) نهى عن بيع اللحم بالحيوان ، وروى الحسن عن سمرة عن النبي ( ص ) مثله ، ومن ذلك الأثر الذي رواه ابن عباس أن جزورا نحرت على عهد أبي بكر رضي الله عنه فجاء رجل بعناق فقال أعطوني جزورا بهذه العناق فقال أبو بكر لا يصلح هذا فكان قول أبي بكر مع انتشاره في الناس عدم معارض له وحصول العمل به دليلا وكيدا في لزوم الأخذ به ، فإن قيل فيجوز أن يكون الجزور من إبل الصدقة فمن أجل ذلك منع أبو بكر من بيعه بالعناق . قيل هذا تأويل لا يصح أن يكون الحديث محمولا عليه لأن إبل الصدقة إنما تتخذ لإطعام الفقراء فلا جائز أن ينسب أحد من الصحابة أو من عاصرهم إلى أنه التمس ابتياع شيء منه لعناق ولا غيره مع ظهور الحال بحضور أبي بكر ولما كان نقل الحال مفيدا فإنما يفيد نقلها فيما يجوز بيعه لا سيما مع إطلاق ابن عباس الحكم ونقل السبب