الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص149
فإن كان قد اشترى الدينار بوزنه ذهبا لم يجز أن يرجع بأرش العيب لأن أخذ الأرش يؤدي إلى التفاضل في بيع الذهب بالذهب .
وإن كان قد اشتراه بدراهم ففي جواز الرجوع بأرش عينه وجهان :
أحدهما : يجوز . اعتبارا بعيوب سائر المبيعات السالفة وهذا أقيس الوجهين ، فعلى هذا يرجع بأرش عيب الدينار دراهم ، ولو كان المبيع المعيب فضة رجع بأرش عيبها ذهبا .
والوجه الثاني : وهو قول الشيوخ من أصحابنا البصريين والجمهور من غيرهم لا يجوز الرجوع بأرش عيب الدراهم والدنانير لأمرين :
أحدهما : أن الصرف أضيق حكما من البياعات فلم يتسع لدخول الأرش فيه .
والثاني : أن الأرش يعتبر بالأثمان فلم يجز أن يكون داخلا في الأثمان .
فعلى هذا لا يخلو عيب الدينار المستهلك إذا لم يخرجه من الجنس من أحد أمرين :
إما أن يكون عيبا يصح أن يكون صفة لما يثبت في الذمة أو لا يصح . فإن كان العيب مما يصح أن يكون صفة في الذمة مثل أن يشتري منه دينارا قاسانيا فيتبين بعد تلفه مغربيا . فإن كان كذلك فعلى المشتري أن يرد بدله دينارا مثله مغربيا .
وإن كان المعيب مبهرجا مما لا يصح أن يكون صفة لما في الذمة مثل أن يشتري دينارا قاسانيا فيتبين الدينار مبهرجا فعليه إذا لم يرض بعيبه أن يرد قيمته دراهم . ولا يصح أن يرد مثله لأن المبهرج لا مثل له .
فإذا رد مثل الدينار المعيب فيما له مثل أو رد قيمته ورقا فيما ليس له مثل نظر : فإن كان قد اشترى الدينار الذي بان عيبه بعينه لم تكن له المطالبة ببدله وكان له استرجاع ما دفع من ثمنه .
وإن كان اشتراه في الذمة من غير تعيين فهل له الرجوع ببدله سليما من عيب أم لا على القولين الماضيين .
لأن أكثر ما في تحريم المعاملة بها أن يكون موكسا لقيمتها ، وما ثبت في الذمة لا يستحق بدله لنقصان قيمته كالبر والشعير وغيره .