پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص136

وكذا لا يجوز بيع النشا بالحنطة ولا بالنشا لما ذكرنا من المعنى .

مسألة :

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ وإذا كان المتبايعان الذهب بالورق بأعيانهما إذا تفرقا قبل القبض كانا في معنى من لم يبايع دل على أن كل سلعة باعها فهلكت قبل القبض فمن مال بائعها لأنه كان عليه تسليمها فلما هلكت لم يكن له أخذ ثمنها ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح .

إذا تلفت السلعة المبيعة في يد بائعها قبل قبض المشتري لها بطل البيع وكانت من ضمان البائع واستحق المشتري استرجاع الثمن سواء بذلها البائع فامتنع المشتري من قبضها ، أو طلبها المشتري فامتنع البائع من إقباضها . هذا مذهبنا وبه قال أبو حنيفة وصاحباه . وقال مالك : لا يبطل البيع بتلفها وهي مضمونة على المشتري بثمنها .

فإن كان المشتري قد طلبها من البائع فامتنع عليه ضمنها البائع بالقيمة كالغاصب . وإن لم يكن المشتري طلبها فلا ضمان على البائع كالمودع . وبه قال أحمد وإسحاق .

وقال النخعي إن كان البائع قد بذلها للمشتري فامتنع من قبضها لم يبطل البيع بتلفها وكانت مضمونة على المشتري بالثمن وإن لم يبذلها للمشتري حتى هلكت بطل البيع وكانت مضمونة على البائع وإلى هذا القول مال محمد بن سيرين .

واستدل من أمضى البيع مع تلفها بما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : الخراج بالضمان . فجعل الخراج ملكا لمن عليه الضمان فلما كان الخراج للمشتري وإن لم يقبض وجب أن تكون مضمونة عليه وإن لم يقبض .

وقد يتحرر دليل هذا الخبر قياسا فيقال : لأنه مبيع ملك المشتري خراجه فوجب أن يلزمه ضمان كالمقبوض .

ولأن ضمان الثمن في مقابلة ملك الثمن فلما كان الثمن المبيع في ملك المشتري وإن لم يقبضه ، وجب أن يكون ثمن المبيع مضمونا على المشتري وإن لم يقبضه .

والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه أن الله تعالى جعل القبض موجبا لتمام العقد فقال سبحانه وتعالى : ( وذروا ما بقي من الربا ) [ البقرة : 278 ] فجعل المقبوض مما قد استقر عليه الملك فلم يوجب استرجاعه وما ليس بمقبوض مما لم يستقر عليه ملك فأوجب رده ، ولذلك قلنا : إن عقود المشركين إذا تقابضوها ، ممضاة ، وإن عقدت فاسدة .

فلما كان القبض موجبا لاستقرار الملك ، وعدم القبض مانعا من استقرار الملك . اقتضى أن يكون ما تلف قبل استقرار ملك المشتري عليه لا يلزمه ضمانه ويبطل عقده .