الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص130
فهذا جملة الكلام في القسمة إذا قيل إنها بيع .
فإن كان ذلك مما يختلف أجزاؤه كالثياب والحيوان فلا بد من اجتماعهما على القسمة حتى يكون كل واحد منهما قابضا ومقبضا .
فإذا انفرد أحدهما بأخذ حصته لم يجز وكان ما أخذه بينه وبين شريكه وعليه ضمان حصة شريكه منه ، وما بقي أيضا بينه وبين شريكه لكن لا يضمن حصة شريكه منه .
وإن كان ذلك مما يتماثل أجزاؤه ولا يختلف كالحبوب والأدهان جاز أن ينفرد أحدهما بأخذ حصته عن إذن شريكه .
والفرق بينهما : أن ما يختلف أجزاؤه يحتاج إلى اجتهاد في استيفاء الحق ونظر في طلب الأحظ فلم يجز أن ينفرد أحدهما بالقسمة وإن أذن له الشريك .
وليس كذلك ما كانت أجزاؤه متماثلة لأن الحق فيه مقدر لا يفتقر إلى اجتهاد في استيفائه ولا إلى نظر في طلب الأحظ في أخذه ، فجاز أن ينفرد أحدهما بأخذ حصته عن إذن شريكه ، فإن استفضل أكثر من حقه وبان وظهر ، رجع عليه بما استفضل . ولا يجوز على القول الأول فيما تماثلت أجزاؤه أن ينفرد أحدهما بالقسمة عن إذن شريكه وإن جاز على هذا القول .
والفرق بينهما : أنه على القول الأول بيع ، والبيع لا يجوز أن ينفرد به أحدهما . وهو على هذا القول إفراز حق لا يمتنع أن ينفرد به أحدهما .
فعلى هذا القول لو انفرد أحد الشريكين بأخذ حقه من غير إذن شريكه ففيه وجهان :
أحدهما : لا يجوز ؛ لأن لشريكه حق الإشاعة فلم يسقط إلا بإذن .
فعلى هذا يكون ما أجازه الشريك مشاعا وهو ضامن لحصة شريكه منه .
والوجه الثاني : يجوز . لأنه لو استأذنه لم يكن له أن يمنعه فجاز إذا استوفى قدر حقه ألا يستأذنه . والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وهذا كما قال .