الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص128
أحدها : أن يقتسماه كيلا لأن الحنطة الأصل فيها الكيل وإن اقتسماه وزنا لم يجز إلا أن يكون جنسا أصله الوزن ، فإن اقتسماه كيلا لم يجز .
وإذا كانت الصبرة بينهما نصفين أخذ هذا قفيزا وأخذ صاحب الثلث قفيزا .
وإن كانت بينهما أثلاثا أخذ صاحب الثلثين قفيزين وأخذ صاحب الثلث قفيزا .
ولا يجوز لأحدهما أن يستوفي جميع حصته من الصبرة ثم يكتال الآخر ما بقي لجواز أن يتلف الباقي قبل أن يكتاله الشريك الآخر .
ولأنهما قد استويا في الملك فوجب أن يستويا في القبض .
فإن اتفقا على المبتدئ منهما بأخذ القفيز الأول وإلا أقرع بينهما في أخذه ، ويكون استقرار ملك الأول على ما أخذه موقوفا على أن يأخذ الآخر مثله .
فلو أخذ الأول قفيزا فهلكت الصبرة قبل أن يأخذ الثاني مثله لم يستقر ملك الأول على القفيز ، وكان الثاني شريكا له فيه ، ليملك كل واحد منهما بالقسمة مثل ما ملكه صاحبه ، فهذا أحد الشروط وفروعه .
والشرط الثاني : أن يتساويا في قبض حقوقهما من غير تفاضل ، وإذا كانت الصبرة بينهما نصفين لم يجز أن يزداد أحدهما على أخذ النصف شيئا ولا أن ينقص منه شيئا ؛ لأنه إن ازداد أو نقص صار بائعا للطعام بالطعام متفاضلا وذلك حرام .
وكذلك لا يجوز أن يأخذ أحدهما نصف الصبرة وثوبا أو يأخذ الآخر نصفها ويعطي ثوبا لحصول التفاضل فيه .
فإن كانت الصبرة بينهما أثلاثا اقتسماها كذلك ، فأخذ صاحب الثلثين ثلثي الصبر من غير أن يزداد شيئا أو ينقص .
فإن قيل فهذا يوقع تفاضلا في بيع الطعام بالطعام . قيل : التساوي بينهما معتبر بقدر الحق لا بالتماثل في القدر .
فإذا أخذ كل واحد منهما قدر حقه فقد تساويا وإن كانت الحقوق متفاضلة بخلاف البيع المبتدأ .
والشرط الثالث : أن يكون كل واحد منهما أو وكيله قابضا ومقبضا ، لأن له حقا وعليه حقا . فله قبض حقه وعليه إقباض حق شريكه ، فإن قبض عن نفسه من غير إقباض الشريك حقه لم يجز ، وإن أقبض شريكه حقه من غير قبض حق نفسه لم يجز ، لأنها مناقلة بين متعاوضين فلزم فيها القبض والإقباض معا .
فلو أذن أحدهما لشريكه في القبض له والإقباض عنه لم يجز ، لأنه يصير قابضا من نفسه ومقبضا عنها .