الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص121
كان فيهما شمع . قيل : بقاء الزبد في اللبن من كمال منافعه ، وهو في أغلب الأحوال مأكول معه ، وليس كذلك الشمع في العسل لأنه ليس من جملته ولا مأكول معه واحدا . فيستوي سمن الغنم وسمن البقر .
وإن قيل إن الألبان أجناس كانت هذه كلها أجناسا .
فيكون سمن الغنم جنسا ، وسمن البقر جنسا والتفاضل بينهما يجوز .
قال الماوردي : وهذا صحيح .
وأصل هذا الفصل أن كل شيء كان متخذا من اللبن لم يجز بيعه بمثل ذلك من اللبن .
فلا يجوز بيع اللبن الحليب بالزبد ، ولا بالسمن ، ولا بالجبن ، ولا بالمصل ، ولا بالأقط ، ولا بالمخيض لأن في اللبن الحليب زبدا وسمنا وجبنا ومصلا وأقطا ومخيضا . والتماثل فيهما معدوم .
قال الشافعي في تعليل المنع من بيع الزبد باللبن : لأن الزبد شيء من اللبن . واختلف أصحابنا في بيان هذا التعليل .
فكان أبو إسحاق المروزي يقول : معناه أن في الزبد شيئا من اللبن يبقى فلا يخرجه إلا النار . فيؤدي ذلك إلى بيع اللبن باللبن متفاضلا .
وقال جمهور أصحابنا : إن معناه أن في اللبن زبدا ، فيؤدي إلى بيع الزبد بالزبد متفاضلا . وهذا أصح المعنيين .
لأن ما في الزبد من اللبن يسير غير مقصود .
وفائدة هذا الخلاف تؤثر في بيع الزبد باللبن المخيض .
فعلى قول أبي إسحاق لا يجوز بيع الزبد باللبن المخيض لأن في الزبد لبنا .
وعلى قول الجمهور يجوز وهو نص الشافعي لأنه ليس في المخيض زبد . فأما بيع المخيض بالسمن فيجوز على كلا المذهبين ، لأنه ليس في السمن لبن ولا في اللبن سمن .
وأما بيع المخيض بالجبن أو المصل أو الأقط ، فلا يجوز على كلا المذهبين . لأن في كل واحد منهما لبنا .
ولا يجوز بيع الجبن بالمصل ، ولا بيع الأقط بالجبن ، لأن جميعه من لبن يعدم فيه التماثل .