الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص119
إما أن يكون بالشمس أو بالنار . فإذا كانت بالشمس لم يمنع من جواز بيعه . وإن كانت بالنار فقد كان بعض أصحابنا يجعل دخول النار في تصفيته مانعا من بيع بعضه ببعض كدخول النار في الزيت ، لأنها تأخذ بعض أجزاء العسل كما تأخذ بعض أجزاء الزيت .
وذهب سائر أصحابنا إلى أن دخول النار في تصفيته لا يمنع من جواز بيع بعضه ببعض وكذلك في السمن بخلاف الزيت المغلي ، لأن النار دخلت فيه لإصلاحه وتمييزه من شمعه فلم تأخذ من أجزائه شيئا ، وكذلك السمن وإنما تأخذ النار فيما تدخل فيه لانعقاده واجتماع أجزائه ، حتى لو أن العسل المصفى أغلي بالنار لم يجز بيع بعضه ببعض ، لأن النار إذا لم تميزه من غيره أذهبت بعض أجزائه .
فإن كانت قد دخلت لتصفيتهما وتمييزهما من غيرهما جاز بعضهما ببعض . وإن دخلت لانعقادهما واجتماع أجزائهما لم يجز ، وكذلك دبس التمر ورب الفواكه .
قال الماوردي : وهذا كما قال أما القصل فهو عقد التبن التي تبقى في الطعام بعد تصفيته ، وأما الشيلم والزوان فهما حبتان تنبتان مع الطعام .
فإذا باع طعاما فيه قصل أو زوان أو يسلم بطعام ليس فيه شيء من ذلك ، كان البيع باطلا لحصول التفاضل في الطعام بالطعام ، وكذلك لو باع طعاما فيه قصل أو زوان بمثله مما هو فيه قصل أو زوان لم يجز ، لعدم التماثل في الطعام بالطعام .
فأما يسير التراب وما دق من التبن إذا حصل في الطعام فبيع بمثله كيلا جاز ، لأن هذا لا يؤثر في المكيال . إذ الطعام إذا كيل حصل بين الحب خلل لا يمتلئ بشيء من الطعام لضيقه . فإذا حصل في الطعام يسير التراب صار في ذلك الخلل فلم يكن له تأثير في الكيل .
قال الشافعي : فأما الوزن فلا خير في مثل هذا . وليس يريد الطعام ، لأن بيع الطعام بالطعام وزنا لا يجوز بحال ، وإنما يريد به ما يوزن من الورق والذهب إذا بيع بعضه ببعض وفيهما أو في أحدهما يسير من التراب لم يجز ، لأن لقليل التراب تأثيرا وإن لم يكن له تأثير في المكيال .