الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص118
مما تنقص من بعض وليس له غاية ينتهى إليها كما يكون للتمر في اليبس غاية ينتهى إليها ( قال المزني ) ما أرى لاشتراطه – يعني الشافعي – إذا كان إنما يدخر مطبوخا معنى لأن القياس أن ما ادخر وما لم يدخر واحد والنار تنقصه ‘ .
قال الماوردي : وهذا صحيح .
وجملته : أن كل ما دخلته النار لانعقاده واجتماع أجزائه ولم تدخله لإصلاحه وتصفيته ، لم يجز المطبوخ منه بالنيئ ، لأن النار نقصت من أحدهما ولم تنقص من الآخر .
وكذلك لا يجوز أن يباع المطبوخ منه بالمطبوخ لأن النار ربما نقصت من أحدهما أكثر من نقصان الآخر .
ويجوز من الجنسين بكل حال . فعلى هذا لا يجوز بيع الزيت المطبوخ بالنيئ ولا بالمطبوخ ، ويجوز بيعه بالشيرج النيئ والمطبوخ .
قال الماوردي : وهذا صحيح . لا يجوز بيع العسل بالعسل إلا مصفيين من الشمع ، فإن كان فيهما أو في أحدهما شمع لم يجز . لأن الشمع إن كان في أحدهما كان التفاضل في العسل معلوما ، وإن كان فيهما كان التماثل فيه مجهولا .
فإن قيل : فهلا جاز بيع العسل بالعسل وفيهما شمع كما جاز بيع التمر بالتمر وفيهما نوى .
قيل : الفرق بين الشمع في العسل وبين النوى في التمر من وجهين :
أحدهما : أن النوى في التمر بعض منه لا يتم صلاح التمر إلا به ولذلك منع من بيع التمر المنقى من النوى بمثله ، وليس الشمع كذلك لأنه مباين للعسل وإن جاوره ، وتركه فيه مؤد إلى فساده ، والتمييز بينهما أبقى لهما ، ولذلك جاز بيع العسل المصفى بمثله .
والفرق الثاني : أن النوى في التمر غير مقصود فلم يكن لكونه فيه تأثير والشمع في العسل مقصود فكان اجتماعهما ها هنا يؤدي إلى الجهالة في المقصود منهما .
ألا ترى أن العظم في اللحم لما كان غير مقصود لم يمنع من بيع اللحم باللحم وفيهما عظم .
فإذا ثبت أن بيع العسل بالعسل لا يجوز إلا بعد تصفيتهما من الشمع ، فلا يخلو حال التصفية من أحد أمرين :