الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص117
والقسم الرابع : ما كانت من أصول غير مأكولة لكن بعد استخراجها دهنا مأكولة . كدهن الخروع وحب القرع وما شاكلها . ففي ثبوت الربا فيها وجهان :
أحدهما : فيها الربا اعتبارا بأنفسها .
والثاني : لا ربا فيها اعتبارا بأصولها .
أحدهما : أنها جنس .
والثاني : أنها أجناس .
وذهب سائر أصحابنا إلى فساد هذا التخريج وأن الأدهان أجناس مختلفة كما أن أصولها أجناس مختلفة بخلاف اللحمان والألبان في أحد القولين . والفرق بينهما أن لأصول اللحمان والألبان اسما جامعا وهو الحيوان فجاز أن يكون جنسا واحدا ، وليس كذلك الأدهان إذ ليس لأصولها اسم جامع فوجب أن تكون أجناسا .
فإذا ثبت أن الأدهان أجناس ، فالزيت جنس قال الشافعي رضي الله عنه : وزيت الفجل جنس آخر . لأن الزيت المطلق مستخرج من الزيتون ، والزيتون جنس غير الفجل ، ثم الشيرج جنس آخر .
فأما دهن الورد ودهن البنفسج إذا قيل فيهما الربا فهما جنس واحد . وكذلك دهن الياسمين والخيري ، فهذا كله مع الشيرج جنس واحد لا يختلف فيه المذهب ، لأن جميعها من السمسم وإنما يختلف لاختلاف الترتيب .
فإذا كان الجنس واحد حرم فيه التفاضل فإن كانا جنسين جاز فيهما التفاضل .
فعلى هذا يجوز بيع الزيت بالشيرج متفاضلا ، ولا يجوز بيع الشيرج بالشيرج إلا متماثلا . وكان بعض أصحابنا يمنع من بيع الشيرج بالشيرج بكل حال لأن فيه ماء وملحا لا يمكن استخراجه إلا بهما وهذا يمنع من التماثل .
وهذا خطأ . لأن الماء والملح وإن كان لا يستخرج الشيرج إلا بهما ، فيختلفان في ثقل السمسم وهو الكسب . إذ لا يصح اختلاط الماء بالدهن ولا بقاء الماء بين أجزائه . والله أعلم .