الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص114
والدلالة عليه حديث فضالة بن عبيد قال :
أتى رسول الله ( ص ) عام خيبر بقلادة فيها خرز وذهب ابتاعها رجل بتسعة دنانير أو بسبعة دنانير فقال النبي ( ص ) : لا حتى تميز بينهما فقال الرجل : إنما أردت الحجارة . فقال لا حتى تميز بينهما . فإن قيل فيجوز أن يكون النبي ( ص ) رده لأن ذهب القلادة أكثر من ذهب الثمن قلنا : لا يصح ذلك من وجهين :
أحدهما : أن النبي ( ص ) أطلق الجواب من غير سؤال فدل على استواء الحالين .
والثاني : أن قول المشتري إنما أردت الخرز دليل على أن الذهب يسير دخل على وجه التبع .
وروي أن معاوية ابتاع سيفا محلى بالذهب بذهب فقال أبو الدرداء لا يصلح هذا فإن رسول الله ( ص ) نهى عنه فقال : الذهب بالذهب مثلا بمثل . فقال معاوية : ما أرى بذلك بأسا . فقال أبو الدرداء : أحدثك عن رسول الله ( ص ) وتحدثني عن رأيك والله لا أساكنك أبدا .
فدل هذان الحديثان على صحة ما ذكرنا .
ثم الدليل عليه من طريق المعنى هو أن العقد الواحد إذا جمع شيئين مختلفي القيمة كان الثمن مقسطا على قيمتهما لا على أعدادهما ، يوضح ذلك أصلان :
أحدهما : أن من اشترى شقصا من دار وعبدا بألف فاستحق الشقص بالشفعة كان مأخوذا بحصته من الثمن اعتبارا بقيمته وقيمة العبد ولا يكون مأخوذا بنصف الثمن .
والثاني : أن من اشترى عبدا وثوبا بألف ثم استحق الثوب أو تلف كان العبد مأخوذا بحصته من الألف ولا يكون مأخوذا بنصف الألف .
وإذا كانت الأصول توجب تقسيط الثمن على القيمة اقتضى أن يكون العقد ها هنا فاسدا لأنه يتردد بين أمرين :
أحدهما : العلم بالتفاضل .
والثاني : الجهل بالتماثل . لأنه يجوز أن تكون قيمة المد الذي مع الدرهم أقل من درهم أو أكثر من درهم ، أو يكون درهما لا أقل ولا أكثر .
فإن كان أقل أو أكثر كان التفاضل معلوما وإن كان درهما كان التماثل مجهولا ، والجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل . فلم يخل العقد في كلا الأمرين من الفساد .