پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص111

وقال مالك : البر والشعير جنس واحد فلا يجوز التفاضل بينهما . وبه قال حماد والليث بن سعد .

استدلالا بحديث معمر بن عبد الله أنه وجه بغلام له ومعه صاع من بر فقال : اشترِ به شعيرا فاشترى به صاعا من شعير وازداد صاعا آخر فلما رجع قال له : لم فعلت هذا . رده فإني كنت أسمع النبي ( ص ) يقول : الطعام بالطعام مثل بمثل . قال : وطعامنا يومئذ الشعير .

فدل هذا الحديث على تحريم التفاضل بين البر والشعير وأنهما جنس واحد .

قال : ولأن البر والشعير يتقاربان في المنفعة ويمتزجان في المشاهدة فجريا مجرى شامي وحبشاني .

والدلالة على أنهما جنسان حديث عبادة بن الصامت أن النبي ( ص ) قال : ولكن بيعوا البر بالشعير والشعير بالبر والتمر بالملح والملح بالتمر كيف شئتم يدا بيد .

فجوز التفاضل بينهما نصا مع قوله : فإذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم . فدل على أنهما جنسان .

ولأن الشعير مخالف للبر في صفته وخلقته ومنفعته ، وإن قاربه من وجه فحل من البر محل الزبيب من التمر فاقتضى أن يكونا جنسين كما أن الزبيب من التمر جنسان .

وأما الجواب عن حديث معمر بن عبد الله فهو أن الدليل من الخبر قول معمر دون روايته وليس مجرد قوله حجة مع مخالفة غيره .

وأما الجواب عما استدل به من تقاربهما في المنفعة وامتزاج أحدهما بالآخر فليس تقاربهما في المنفعة بموجب لاتفاقهما في الجنس كالتمر والزبيب . وليس امتزاج أحدهما بالآخر دليلا على أنهما جنس كالتراب الممتزج بالبر والشعير والله أعلم .

مسألة :

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ ولا بأس بخل العنب مثلا بمثل فأما خل الزبيب فلا خير في بعضه ببعض مثلا بمثل من قبل أن الماء يقل فيه ويكثر فإذا اختلفت الأجناس فلا بأس ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح .

ومقدمات هذا الفصل أن التمر والرطب جنس واحد والزبيب والعنب جنس واحد وأن الماء هل فيه الربا أم لا ؟ على وجهين : لأصحابنا :

أحدهما : فيه الربا لأنه مطعوم .

والثاني : لا ربا فيه لأنه مباح الأصل في غالب الأحوال لا يتحول . ولذلك قلنا إن من غصب ماء فتوضأ به جاز . ولو غصب رقبة فأعتقها لم يجز . فإذا ثبت هذا فبيع خل العنب