الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص110
أجزاء أحدهما وثقلت أجزاء الآخر ، وذلك غير معتبر فخالف الدقيق الذي قد تفرقت أجزاؤه فانبسطت بالحنطة التي قد انضمت أجزاؤها واجتمعت .
إحداهما : ما ذكرنا من علة الدقيق .
والثانية : دخول الماء فيه .
وأما الخبز فلثلاث علل منها هاتات العلتان .
والثالثة : دخول النار فيه . فأما السويق بالحنطة فلا يجوز لعلة واحدة كالدقيق بالحنطة .
وقد رواه البويطي ، وحكاه المزني في مسائله المنثورة عن الشافعي لتساويهما في تفرق أجزائهما كما جاز بيع الحنطة بالحنطة لتساويهما في اجتماع أجزائهما ، ولم يجز بيع الدقيق بالحنطة لاجتماع أجزاء أحدهما وتفرق أجزاء الآخر . وهذا خطأ . لأن الدقيق وإن تفرقت أجزاء جميعه بالطحن فقد يكون طحن أحدهما أنعم ، فيكون تفريق أجزائه أكثر وهو في المكيال أجمع فيؤدي ذلك إلى التفاضل فيه ، لأن الناعم المنبسط أكثر في المكيال من الخشن المجتمع ، أو يكون مجهول التماثل ، وأيهما كان فبيعه باطل ، لأن الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل . وإذا لم يجز بيع الدقيق بالدقيق فكذا لا يجوز بيع السويق بالدقيق لما ذكرنا من التعليل .
فأما الخبز إذا يبس ودق فتوتا ناعما ، وبيع بعضه ببعض كيلا ففيه وجهان :
أحدهما : يجوز لأنه بعد اليبس والدق قد عاد أصله من قبل وقد حصل فيه التماثل بالكيل .
والوجه الثاني وهو أصح : لا يجوز ، لأن الدقيق أقرب إلى التماثل من الخبز المدقوق الذي قد دخلته النار وأحالته ، فلما لم يجز بيع الدقيق بالدقيق فأولى ألا يجوز بيع الخبز المدقوق بالخبز المدقوق ، ولولا أن الوجه الأول مشهور من قول أصحابنا لكان إغفاله أولى لمخالفته النص ومنافاته المذهب .