الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص108
وإن لم يكن للناس فيه عرف غالب فكانت عادتهم تستوي في كيله ووزنه فقد اختلف فيه أصحابنا على أربعة مذاهب :
أحدها : تباع وزنا لأن الوزن أخص .
والثاني : تباع كيلا لأن الكيل في المأكولات نص .
والثالث : أنه يعتبر بأشبه الأشياء به مما عرف حاله على عهد الرسول ( ص ) فيلحق به . لأن الأشباه متقاربة .
والرابع : أنه مخير فيه بين الوزن والكيل لاستواء العرف فيه .
هل يجوز بيع بعضه ببعض وزنا . على وجهين :
أحدهما : لا يجوز لما فيه من مخالفة النص وتغيير العرف .
والثاني : يجوز ويكون الوزن فيه نائبا عن الكيل للعلم بموافقته كما كان مكيال العراق نائبا عن مكيال الحجاز لموافقته في المساواة بين المكيلين .
فإن كانتا سواء لزم العقد ولا خيار لواحد منهما . ولو فضلت إحدى الصبرتين على الأخرى ففيه قولان :
أحدهما : بطلان العقد لأن العقد يتناول جميع الصبرتين مع ظهور التفاضل .
والقول الثاني : جواز العقد لاشتراط التماثل . فعلى هذا يأخذ صاحب الفضل زيادته ويكون لصاحب الصبرة الناقصة الخيار في فسخ البيع لتفريق الصفقة أو إمضاء البيع بمثل صبرته .
قال الماوردي : وهذا صحيح والمشهور عن الشافعي في سائر كتبه الذي حكاه عنه جميع أصحابه أن بيع الدقيق بالحنطة لا يجوز بحال ، وبه قال أبو حنيفة ، وحكى الحسين الكرابيسي عن الشافعي جواز بيع الدقيق بالحنطة متفاضلا وجعلهما كالجنسين وبه قال أبو ثور .