الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص106
والوجه الأول أصح ، بخلاف النوى ، لأن النوى لا يؤكل بحال ، وهذه البذور تؤكل ، وإنما يؤخر أكلها طلبا لإكمال أحوالها كالطلع والبلح .
قال الماوردي : وهذا كما قال .
كل شيء فيه الربا إذا بيع بجنسه فالاعتبار في تماثله بالكيل والوزن عادة أهل الحجاز في زمن رسول الله ( ص ) ، فإن كان بالحجاز في زمن رسول الله ( ص ) مكيلا ، كان أصله الكيل ، فلا يجوز أن يباع بعضه ببعض إلا كيلا .
وما كان موزونا كان أصله الوزن ، فلا يجوز أن يباع بعضه ببعض إلا وزنا ، ولا اعتبار بعادة غير أهل الحجاز ولا بما أحدثه أهل الحجاز بعد رسول الله ( ص ) .
وقال مالك : يجوز أن يباع ما كان مكيلا على عهد رسول الله ( ص ) وزنا بوزن ، كالتمر الذي قد جرت عادة أهل البصرة ببيعه وزنا ، ولا يجوز أن يباع ما كان موزونا كيلا بكيل .
وقال أبو حنيفة : أما الأربعة المنصوص عليها فلا يجوز بيع بعضها ببعض إلا كيلا بكيل .
ولا اعتبار بما أحدثه الناس من بعد ، وأما ما سوى الأربعة فالاعتبار فيها بعادة الناس في بلدانهم وأزمانهم ولا اعتبار بالحجاز ولا بما كان في عهد رسول الله ( ص ) .
فأما مالك فاستدل على ذلك بما روي عن النبي ( ص ) أنه ‘ نهى عن بيع البر بالبر إلا مثلا بمثل ‘ . والتماثل معلوم بالوزن كما هو معلوم بالكيل .
قال : ولأن الوزن أخص من الكيل ، فلذلك جاز بيع المكيل وزنا ولم يجز بيع الموزون كيلا .
وأما أبو حنيفة فاستدل بأن الأربعة منصوص على الكيل فيها فلم يجز مخالفة النص وما سوى الأربعة فالاعتبار فيه بالعادة .
وعادة أهل الوقت أولى أن تكون معتبرة من أوقات سالفة وبلا مخالفة . لأن التفاضل موجود بمقادير الوقت .
والدلالة على ذلك قوله ( ص ) : ‘ لا تبيعوا البر بالبر إلا كيلا بكيل يدا بيد ‘ . فنص على التساوي بالكيل فاقتضى ألا يعتبر فيه التساوي بالوزن لأنه قد يخالف ما أمر به من الكيل .
ولأنه قد يتساوى البر بالبر كيلا ويتفاضلان وزنا ، كما أنهما قد يتساويان وزنا