الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص104
لأن جميعها في معنى المأكول والمشروب لمنفعة البدن أولى من أن تقاس على ما خرج من المأكول والمشروب من الحيوان والثياب والخشب وغيرها ‘ .
قال الماوردي : واعلم أن المأكولات قد تختلف جهات أكلها على أنواع ستة :
أحدها : ما يؤكل قوتا كالبر والشعير ، ويتبع هذا النوع التمر والزبيب .
والثاني : ما يؤكل إدما كالزيتون والبصل وقد يلحق بهذا النوع الألبان والأدهان .
والثالث : ما يؤكل إبزارا كالكمون والفلفل ، وقد يدخل في هذا النوع الملح .
والرابع : ما يؤكل تفكها كالرمان والسفرجل . وقد يضاف إلى هذا النوع الخضر .
والخامس : ما يؤكل حلوا كالسكر والعسل .
والسادس : ما يؤكل دواء كالإهليلج والبليلج فيجري الربا في جميعها حتى يجمع بين السقمونيا والبر في حصول الربا فيهما .
وإن كان البر يؤكل قوتا عاما والسقمونيا تؤكل دواء نادرا لوجود علة الربا فيهما على سواء . فما كان من هذه المأكولات مكيلا أو موزونا ثبت فيه الربا على العلتين معا وما كان منه غير مكيل ولا موزون ثبت فيه الربا على علته في الجديد دون القديم وعليه يقع التفريع ، وأما ما كان مأكول البهائم كالحشيش والعلف فلا ربا فيه لأن التعليل بالأكل متوجه إلى أكل الآدميين دون البهائم .
فأما ما يشترك في أكله الآدميون والبهائم فالواجب أن يعتبر فيه أغلب حالتيه . فإن كان الأغلب منهما أكل الآدميين ففيه الربا اعتبارا بأغلب حالتيه كالشعير الذي قد يشترك في أكله الآدميون والبهائم وأكل الآدميين له أغلب فثبت فيه الربا وإن كان الأغلب من حالتيه أكل البهائم فلا ربا فيه كالعلف الرطب الذي قد ربما أكله الآدميون عند تقديمه .
وإن استوت حالتاه فكان أكل البهائم له كأكل الآدميين من غير أن تكون إحدى الحالتين أغلب . فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : لا ربا فيه لأن الصفة لم تخلص .
والثاني : فيه الربا وهو الصحيح لوجود الصفة وحصول الزيادة .
اعلم أن الريحان ، والنيلوفر ، والنرجس ، والورد ، والبنفسج ، لا ربا فيها . لأنها قد تتخذ مشمومة إلا أن يريب شيء منها بالسكر أو بالعسل كالورد المعمول جلجبين فيصير فيه الربا لأنه صار مأكولا . واختلف أصحابنا في ماء الورد . هل فيه الربا أم لا على وجهين :
أحدهما : لا ربا فيه اعتبارا بأصله .