الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص90
صفته توجد بعد الشرب ، ثم لو قيل إن الأكل أعجل صفة من الكيل لكان أولى ، لأن الأكل ممكن مع فقد الآلة والكيل متعذر إلا بوجود الآلة .
وأما الجواب بأن زيادة الطعم قد توجد مع تساوي الكيل ولا تحريم ولا توجد زيادة الكيل مع تساوي الطعم إلا مع وجود التحريم فهو أن يقال : إنما يلزم هذا إذا وقع التسليم بأن التساوي يعتبر بالوزن تاما ، ونحن نقول إن التساوي يعتبر بالكيل .
فلا يلزم أن الطعم متساو فيهما وإن تفاضلا في الوزن . كما لو تساويا في الوزن وتفاضلا في الكيل كانا متفاضلين وإن تساويا في الوزن على أنه لا يستمر على مذهبهم أن علة الربا زيادة الكيل ، لأنهما لو تبايعا صبرة طعام بصبرة طعام كان باطلا للجهل بالتساوي وإن لم يعلم زيادة الكيل فلما كان الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل بطل أن يكون زيادة الكيل علة .
وهذا غير صحيح ؛ لأننا قد أبطلنا فيما مضى أن يكون الكيل علة وسنبطل أن يكون الوزن علة ، وإذا لم يجز أن يكونا علة لم يجز أن يكونا وصفا في العلة فثبت أن الأكل وحده علة .
قسم فيه الربا على القولين معا ، وهو ما أكل أو شرب مما كيل أو وزن .
وقسم لا ربا فيه على القولين معا وهو ما ليس بمأكول ولا مشروب كالثياب والحيوان والصفر والنحاس .
وقسم اختلف قوله فيه وهو ما أكل أو شرب مما لا يكال ولا يوزن كالرمان ، والسفرجل ، والبقول والخضر ، فعلى قوله في القديم لا ربا فيه ، لأنه علل ما فيه الربا بأنه مأكول أو مشروب مكيل أو موزون . وعل قوله في الجديد فيه الربا لأنه مطعوم جنس .
واختلف أصحابنا هل يثبت فيه الربا على قوله في الجديد بعلة الأصل أو بعلة الأشباه .
فمن متقدمي أصحابنا من قال إنما جعل فيه الشافعي الربا على قوله في الجديد بعلة الأشباه لأنه قال : وإنما حرمنا غير ما سمى رسول الله ( ص ) من المأكول المكيل والموزون لأنه في معنى ما سمى . فجعل في المكيل والموزون الربا بعلة الأصل ثم قال بعد هذا : وما