پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص89

ما تم المكيال بها وهم أولى الناس بهذا القول . لأنهم يقولون إن القدح العاشر بانفراده هو المسكر . فكذلك التمرة الواحدة بانفرادها هي التي تم المكيال بها .

فإن قيل فيختص عموم الظاهر بالقياس فنقول : لأنه مما لا يكال ولا يوزن فوجب ألا يثبت فيه الربا كالثياب . قلنا :

نحن نعارضكم بقياس مثله فنقول . ما ثبت الربا في كثيره ثبت في قليله كالذهب والورق . ثم نقول : قياسكم لا يجوز أن يخص به الظاهر لأن أصله مستنبط منه والظاهر لا يجوز أن يكون مخصوصا بعلة مستنبطة منه .

فصل :

فأما الجواب عن استدلالهم بقوله ( ص ) : لا تبيعوا البر بالبر إلا سواء بسواء وكذلك ما يكال ويوزن فهو أنها زيادة مجهولة لم ترد من طريق صحيح ، وعلى أنها زيادة متأولة إذا كان ما يكال ويوزن مأكولا أو مشروبا بدليل نهيه عن بيع الطعام بالطعام إلا مثلا بمثل .

وأما الجواب عن استدلالهم بأن ما أبيح من التساوي لا يعلم إلا بالكيل فوجب أن يكون الكيل علة الحكم . فهو أن الكيل علم الإباحة وعلة الربا مستنبطة من الحظر فلم يجز أن يكون الكيل علة الحكم .

وأما الجواب عن استدلالهم بأن تعليلهم بكونه مكيلا جنسا يجمع حالتي البر صفة وقدرا فهو إن جاز أن يكون هذا دليلا لأنه يجمع حالتي البر صفة وقدرا قابلناكم بمثله فقلنا : تعليلنا بكونه مطعوما جنسا يجمع حالتي البر صفة وجنسا . ثم يكون هذا الاستدلال أولى لأن الطعم ألزم صفة من الكيل فاقتضى أن يكون بالحكم أخص . ولا يصح قولهم بأن الجنس صفة لأن الصفة ما اختصت بالموصوف ، والجنس اسم مشترك يتناول كل ذي جنس فلم يصح أن يكون صفة .

وأما الجواب عن استدلالهم بأن الكيل متفق في المكيلات والأكل مختلف في المأكولات فكان التعليل بالمتفق أولى من التعليل بالمختلف .

فهو أن الأكل متفق وإنما صفة الأكل تختلف ، كما أن الكيل وإن كان متفقا وصفته قد تختلف فبعضه قد يكال بالصاع ، وبعضه بالمد ، وبعضه بالقفير ، وبعضه بالمكوك ثم يقال : الكيل يختلف باختلاف البلدان والأكل لا يختلف فكان الأكل لاتفاق البلدان أولى أن يكون علة من الكيل المختلف باختلاف البلدان .

وأما الجواب عن استدلالهم بأن الطعم صفة آجلة والكيل صفة عاجلة فهو أن هذا القول فاسد لأن البر موصوف بهذه الصفة وإن كان يوجد بعد علاج وصنعة كما يوصف بأنه مشبع وإن كان لا يوجد إلا بعد استهلاكه بالأكل ، كما يوصف الماء بأنه مروي وإن كانت