الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص83
وكيف يكون مضروب الذهب دنانير ومضروب الورق دراهم في معنى الذهب والورق غير مضروبين ولا يكون مضروب النحاس فلوسا في معنى النحاس غير مضروب ‘ .
قال الماوردي : إذا ثبت أن الربا يتجاوز المنصوص عليه لمعنى فيه ، وعلته مستنبطة منه . فالعلة في الذهب والفضة غير العلة في البر والشعير والتمر والملح . فأما العلة في البر والشعير فقد اختلف أصحاب المعاني فيها على مذاهب شتى .
أحدهما : مذهب محمد بن سيرين أن علة الربا الجنس فأجرى الربا في جميع الأجناس ومنع التفاضل فيه حتى التراب بالتراب .
والمذهب الثاني : وهو مذهب الحسن البصري أن علة الربا المنفعة في الجنس فيجوز بيع ثوب قيمته دينار بثوبين قيمتهما دينار ومنع من بيع ثوب قيمته دينار بثوب قيمته ديناران .
والثالث وهو مذهب سعيد بن جبير أن علة الربا تقارب المنافع في الأجناس فمنع من التفاضل في الحنطة بالشعير لتقارب منافعهما ، ومن التفاضل في الباقلاء بالحمص وفي الدخن بالذرة لأن المنفعة فيهما متقاربة .
والرابع : وهو مذهب ربيعة أن علة الربا جنس يجب فيه الزكاة فأثبت الربا في كل جنس وجبت فيه الزكاة من المواشي والزروع ونفاه عما لا تجب فيه الزكاة .
والخامس : وهو مذهب مالك أنه مقتات مدخر جنس فأثيبت الربا فيما كان قوتا مدخرا ونفاه عما لم يكون مقتاتا كالفواكه وعما كان مقتاتا ولم يكن مدخرا كاللحم .
والسادس : وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله أن علة الربا في البر أنه مكيل جنس فأثبت الربا في كل ما كان مكيلا وإن لم يكن مأكولا كالجص ، والنورة ، ونفاه عما كان غير مكيل ولا موزون وإن كان مأكولا كالرمان والسفرجل .
والسابع : وهو مذهب سعيد بن المسيب وبه قال الشافعي في القديم أنه مأكول مكيل أو موزون جنس . ومن أصحابنا من عبر عن هذه العلة بأحصر من هذه العبارة فقال : مطعوم مقدر جنس . فعلى هذا القول ثبت الربا فيما كان مأكولا أو مشروبا مكيلا أو موزونا وينتفي عما كان غير مكيل ولا موزون وإن كان مأكولا أو مشروبا مكيلا أو موزونا وعما كان غير مأكول ولا مشروب وإن كان مكيلا أو موزونا .
والثامن : وهو مذهب الشافعي في الجديد أن علة الربا أنه مأكول جنس ومن أصحابنا من قال مطعوم جنس وهذه العبارة أعم وهو قول من أثبت في الماء الربا فهذا جملة المذاهب المشهورة في علة الربا . وسنذكر حجة كل مذهب منها وندل على فساده .