الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص76
النبي ( ص ) سئل عن الربا أفي صنفين مختلفين ذهب بورق أم تمر بحنطة ؟ فقال : ‘ الربا في النسيئة ‘ فحفظه فأدى قول النبي ( ص ) ولم يؤد المسألة ‘ .
قال الماوردي : وهذا صحيح . والربا ضربان : نقد ، ونساء .
وأما النساء : فهو بيع الدرهم بالدرهمين إلى أجل وهو المعهود من ربا الجاهلية والذي قد أجمع على تحريمه جميع الأمة .
وأما النقد : فهو بيع الدرهم بالدرهمين يدا بيد ، فمذهب جمهور الصحابة وكافة الفقهاء تحريم ذلك كالنساء ، وذهب خمسة من الصحابة إلى إحلاله وإباحته وهم : عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، وأسامة بن زيد ، وزيد بن أرقم والبراء بن عازب تعلقا بخبرين :
أحدهما : ما استدل به ابن عباس أن أسامة بن زيد روى عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إنما الربا في النسيئة ‘ . فلما أثبت الربا في النسيئة دل على انتفاء الربا في النقد .
والثاني : ما رواه عمرو بن دينار عن أبي المنهال قال : باع شريك لي دراهم بدراهم بالكوفة وبينهما فضل . فقلت : ما أراه يصلح هذا فقال : لقد بعتها في السوق فما عاب علي ذلك أحد ، فأتيت البراء بن عازب فسألته فقال : قدم رسول الله ( ص ) المدينة وتجارتنا كذا فقال النبي ( ص ) : ما كان يدا بيد فلا بأس به وما كان نسيئة فلا خير فيه . وأتيت زيد بن أرقم فإنه كان أعظم تجارة منا ، فأتيته فسألته فقال لي مثل ذلك . وهذا نص .
والدلالة على تحريم ذلك أربعة أحاديث :
أحدها : حديث عبادة بن الصامت المقدم ذكره في صدر الباب .
وقوله : ‘ إلا سواء بسواء يدا بيد ‘ .
والثاني : حديث أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ الفضة بالفضة والذهب بالذهب سواء بسواء فمن زاد واستزاد فقد أربى . الآخذ والمعطي سواء ‘ .
والثالث : حديث مالك بن عامر عن عثمان أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين ‘ .