الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص63
وإن قيل : إنه قد ملك بنفس العقد ، ففي فسخ النكاح وجهان :
أحدهما : ينفسخ لوقوع ملكه .
والثاني : وهو ظاهر مذهبه : أن النكاح بحاله لا ينفسخ ، لأن ملكه وإن تم فهو ملك غير مستقر .
فإن تم البيع بينهما ، لم يقع الطلاق ، إن قيل : إنه قد ملك بنفس العقد ، أو هو موقوف ، وإن قيل : لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، ففي وقوع الطلاق وجهان :
أحدهما : لا يقع ، لما ذكرنا ، ويحل له وطؤها .
والثاني : قد وقع ، ولا يحل له وطؤها إلا بعد زوج .
وإن انفسخ البيع بينهما ، وقع الطلاق ، إن قيل : إنه لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، أو هو موقوف مراعى .
وإن قيل : إنه قد ملك بنفس العقد ، ففي وقوع الطلاق وجهان والله أعلم .
فإن تم البيع ، لم يكن للرجعة تأثير ، لأن النكاح قد انفسخ .
وإن انفسخ البيع بينهما ، صحت الرجعة ، إن قيل : إنه لا يملك إلا بالعقد وتقضي الخيار ، أو هو موقوف مراعى .
فإن قيل : قد ملك بنفس العقد ، ففي صحة الرجعة وجهان .
قال الماوردي : وهذا كما قال : يجوز للمشتري أن يدفع الثمن في مدة الخيار إلى البائع ، وللبائع أن يدفع المبيع فيها إلى المشتري .
وكره مالك دفع الثمن في مدة الخيار ، ولم يكره دفع المبيع ، لأن بالمشتري حاجة إلى تقليب المبيع ونظر عينيه .
وهذا خطأ ، لأن تسليم الثمن وقبض المبيع من موجب العقد ، وما أوجبه العقد لم يمنع منه بعد العقد . وإذا صح جواز ذلك ، قبض المشتري المبيع ، لم يكن ذلك قطعا لخيار البائع ، ولا يكون قبض البائع قطعا لخيار المشتري .
ويمنع البائع من التصرف في الثمن ، والمشتري من التصرف في المبيع حتى تنقضي مدة الخيار ، لأن الخيار يوقع حجرا في التصرف .
فإن تم البيع ، استقر وجاز التصرف . وإن انفسخ البيع ، استرجع المشتري الثمن من البائع ، واسترجع البائع المبيع من المشتري .