پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص58

والمذهب الثالث : أن الجواب مختلف على اختلاف نصيه في الموضعين ، فيكون الخيار منتقلا عن الحر إلى وارثه ، ولا ينقطع بموته . ولا ينتقل عن المكاتب إلى سيده ، وينقطع بموته .

والفرق بينهما : أن الحر ينتقل ماله إلى وارثه بالإرث وحدوث الموت ، فقام في الخيار مقام مورثه ، كما قام مقامه في غيره . وليس كذلك المكاتب ، لأنه ينتقل ماله إلى سيده بالملك المتقدم ، لا بالإرث ، فلما بطل خيار المكاتب بالموت لم ينتقل إلى سيده بحق الملك ، كالوكيل إذا مات في مدة الخيار لم ينتقل الخيار إلى موكله ، لأنه ينتقل إليه بحق الملك لا بالإرث .

فصل :

فإما إذا جن أحد المتبايعين في خيار المجلس ، فالخيار ثابت لا ينقطع بما حدث من الجنون ، لأن الحقوق لا تبطل بحدوثه ، وسواء فارق المجنون المجلس أو قام فيه ، لأن فعل المجنون لا حكم له ، فلم ينقطع الخيار بفراقه . وينتقل الخيار عنه إلى وليه ، كما ينتقل خيار الميت إلى وارثه . ويكون الخيار باقيا لولي المجنون ووارث الميت ما لم يعلما بالحال ولم يفارق العاقد الآخر المكان .

فإذا علم ولي المجنون ووارث الميت ، فلهما الخيار في مجلسهما الذي علما فيه ما لم يفارقاه . فإن فارقا المجلس الذي علما فيه ، أو فارق العاقد الآخر المكان الذي عقد البيع فيه ، فقد انقطع الخيار ولزم البيع .

فصل :

فأما خيار الثلاث ، فلا يختلف مذهب الشافعي أنه موروث لا يبطل بالموت .

وقال أبو حنيفة : خيار الثلاث يبطل بالموت ولا يورث .

استدلالا بأنه خيار يمنع من انتقال الملك ، فوجب أن يبطل بالموت كخيار القبول . قال : ولأن الخيار في المبيع ينفي موجب العقد من جواز التصرف فيه ، كما أن الأجل في الثمن ينفي موجب العقد فمنع من جواز تصرف البائع فيه ، ثم ثبت أن الأجل يبطل بالموت ، فاقتضى أن يكون الخيار باطلا بالموت .

وتحريره قياسا :

أنه معنى ينفي موجب العقد ، فوجب أن يبطل بالموت كالأجل .

قال : ولأن الخيار من حقوق العقد ، لا من حقوق الملك ، والورثة إنما يخلفون الميت في الملك لا في العقد ، فوجب أن لا يكون لهم في الخيار حق . ألا ترى أن الموكل لا يثبت له ما ثبت لوكيله من خيار الشرط ، لأنه من حقوق العقد . ويثبت له خيار العيب ، لأنه من حقوق الملك .