الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص56
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي : أن وطء المشتري لا يكون رضا لإمضاء البيع ، وإن كان وطء البائع رضا للفسخ .
والفرق بينهما : أن البيع لما لم يصح إلا بالقول ، لم يصح إمساكه والرضا به إلا بالقول .
ولما كان الملك قد يحصل بالفعل كالاصطياد والاحتشاش ، جاز أن يكون الرد إلى الملك بالفعل يفسخ البيع فيصح بالفعل .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، وإذا وطئ البائع الجارية المبيعة في مدة الخيار ، كان فسخا للبيع على الأقاويل كلها ، لما ذكرنا : من أن الملك لما حصل بالفعل ، جاز أن يكون الرد إليه يحصل بالفعل ، وبهذا المعنى يقع الفرق بين فسخ البيع حيث كان بالوطء ، وبين رجعة المطلقة ، حيث لم يجز أن يكون بالوطء :
لأن النكاح لما لم يصح إلا بالقول لم تصح الرجعة إليه إلا بالقول ، والملك لما حصل بالفعل جاز أن يصح الرد إليه بالفعل .
قال الماوردي : ولهذه المسألة حالتان :
إحداهما : أن يقول لإحدى زوجتيه : إحداكما طالق أو لأمتيه : إحداكما حرة ، ويعين وقوع الطلاق في إحدى زوجتيه والعتق في إحدى أمتيه :
فإن كان كذلك لم يكن وطء إحداهما بيانا لوقوع الطلاق والعتق لغير الموطوءة ، لأنه قد وقع معينا باللفظ قبل الوطء .
والحالة الثانية : أن يكون قد أبهم الطلاق في زوجتيه والعتق في أمتيه من غير أن يكون قد عينه في واحدة منهما ، ففيه وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي : الوطء يكون اختيارا لإمساك الموطوءة وطلاق الأخرى إن كانت زوجة ، وعتقها إن كانت أمة ، كما ذكره المزني .
والوجه الثاني : وهو قول أبي سعيد الاصطخري : إن الوطء لا يكون بيانا في الموضوع وإن كان بيانا في فسخ البيع .