الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص55
فأما إن قيل : إنه لا يملك إلا بالعقد والافتراق ، فهل تصير له أم ولد أم لا ؟ على قولين ، لأنها قد كانت علقت منه بحرّ في غير ملك .
وإن انفسخ البيع بينهما ، صح الفسخ وكان للبائع أن يتصرف فيها بعد الفسخ كيف شاء من بيع أو غيره ؟ لأن تعلق حقه برقبتها مقدم على حرية ولدها ، كحق المرتهن ، إذا صارت الأمة المرهونة أم ولد للراهن . وإن ملكها المشتري فيما بعد ، فإن قيل : إنه قد كان ملكها بنفس العقد ، صارت له أم ولد ، لأنها قد كانت علقت منه بحرّ في ملكه . وإن قيل : إنه لم يكن مالكا إلا بالعقد والافتراق ، أو قيل : إن الملك مراعى ، فهل تكون أم ولد له أم لا ؟ على قولين : لأنها قد كانت علقت منه بحرّ في غير ملك .
فقد أنكر عليه قوم ، وقالوا : إحبالها قبل التفرق مستحيل .
وعنه جوابان :
أحدهما : أنه على التقديم والتأخير ، وتقدير الكلام .
ولو عجل المشتري فوطئها قبل التفرق في غفلة من البائع فأحبلها ، وهذا مستقيم ، فقدم لفظ الإحبال ، وإن كان في المعنى مؤخرا .
والجواب الثاني : أن الكلام على حاله لا تقديم فيه ولا تأخير ، ومعناه مستقيم ؛ لأن الإحبال يقع قبل التفرق ؛ لأنه حادث عن الوطء ، وإنما يتأخر ظهوره ، وليس تأخر ظهوره بمانع من حصوله .
وأما قوله : في غفلة من البائع : ففيه تأويلان :
أحدهما : أنه شرط في بقاء الخيار للبائع ، ولو رآه البائع يطأ كان رضا منه لإمضاء البيع وقطعا لخياره . وهذا قول أبي العباس بن سريج ، لأن البائع يستحق بخياره منع المشتري من التصرف ، فإذا رآه يتصرف ، فأمسك عن منعه ، كان راضيا به ، فبطل خياره .
والتأويل الثاني : أنه قال ذلك لتحقيق صورة المسألة ، إذ بعيد في العادة أن يطأ الناس بحضرة الناس ، فأحب أن يصورها على ما يصح وجودها في العرف ، ولا يكون ذلك شرطا في خيار البائع ، ولا تكون رؤية البائع وعدم إنكاره قطعا لخياره ، لأن الرضا لا يكون مأخوذا من فعل الغير والله أعلم .
أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج : يكون قاطعا لخياره كوطء البائع .