الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص53
وإن كان الخيار للمشتري وحده ، جاز أن يفسخ إذا قيل : إنه لا يملك إلا بالعقد والافتراق ، أو إنه مراعى ، لأنه يفسخ قبل تمام ملكه .
فأما إذا قيل : إنه قد يملك بمجرد العقد ، فعلى وجهين :
أحدهما : له الفسخ ، ولا يعتق عليه ما لم يمض زمان خياره ؛ لأن خيار الفسخ من موجبات العقد ، فلم يجز أن يثبت العقد مع انتفاء موجبه .
والوجه الثاني : وهو الصحيح : ليس له أن يفسخ ، وقد عتق عليه وسقط حكم خياره ، لأن الخيار موضوع لطلب الحظ ، وتوفير الربح فيما وقع عليه العقد ، وهذا المعنى مفقود فيمن يعتق بالملك ، فلم يكن لثبوت الخيار في ابتياعه وجه .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا وطئ المشتري الجارية المبيعة في مدة الخيار ، فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون وطؤه فيما دون الفرج ، فلا مهر فيه سواء تم البيع أو انفسخ . وهل يوجب ذلك تحريم المصاهرة أم لا ؟ على قولين :
والضرب الثاني : أن يطأ في الفرج ، هذا على ضربين :
أحدهما أن تحبل بوطئه .
والثاني : أن لا تحبل .
فإن لم تحبل بوطئه ، فلا حد عليه فيه على الأقاويل كلها ، لشبهة الملك .
فأما المهر ، فمعتبر بتمام البيع وفسخه :
فإن تم البيع بينهما ، فلا مهر عليه إن قيل : إنه قد ملك بنفس العقد ، أو قيل : إنه مراعى ، لأن وطأه : صادف ملكه . وإن قيل : إنه لا يملك إلا بالعقد والافتراق ، ففي وجوب المهر عليه وجهان مبنيان على اختلاف الوجهين في خيار المجلس والشرط ، هل يجري مجرى خيار العيب أو مجرى خيار البذل والقبول ؟
أحدهما : أنه يجري مجرى خيار العيب فعلى هذا لا مهر عليه .
والثاني : أنه يجري مجرى خيار البذل والقبول ، فعلى هذا عليه المهر .
وإن انفسخ البيع بينهما ، فعليه المهر إن قيل : لا يملك إلا بالعقد والافتراق ، أو قيل : إنه مراعى .