الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص52
فعلى هذا القول يكون العبد تالفا من ملك المشتري ، ولا ضمان عليه ، لصحة الهبة .
فهذا القول لا يمنعه من اختيار الفسخ ، بخلاف ما مضى من تعجيل عتقه .
ثم ينظر : فإن انفسخ البيع بفسخ البائع ، أو بفسخ المشتري ، رجع العبد إلى البائع ، ولم يعتق ، فإن تم البيع وصح ، عتق على المشتري ، إن قيل : إنه قد ملك بنفس العقد ، أو قيل : إنه موقوف مراعى ، لوجود الصفة ، وتقدم القول في ملكه . وإن قيل : إنه لا يملك إلا بالعقد والافتراق ، لم يعتق عليه العبد ، وإن وجدت صفة عتقه بتمام البيع ؛ لأنه علق قوله بالعتق في زمان لم يكن له ملك ، فجرى مجرى قوله لعبد غيره : إن ملكتك فأنت حر ، فملكه ، لم يعتق عليه لقوله ( ص ) ‘ لا عتق قبل ملك ‘ .
فلو كان المشتري قال : إن انفسخ البيع بيننا فأنت حر ، لم يعتق عليه ، وإن حصل الفسخ ، لأنه بالفسخ قد صار في ملك غيره ، وإن تم البيع فأحرى أن لا يعتق ، لأن تمام البيع ليس صفة لعتقه . فلو كان البائع ، قد قال في زمان الخيار للعبد المبيع : إن انفسخ البيع ، فأنت حر ، فانفسخ البيع إما بفسخه أو بفسخ المشتري ، عتق على البائع على الأقاويل كلها ، لأنه كان عند عقد الصفقة بعتقه ممن يصح منه تعجيل عتقه ، وقد وجدت الصفة في ملكه .
فلو كان البائع قال : إن تم البيع فأنت حر ، فتم البيع ، لم يعتق عليه ، لوجود الصفة في غير ملكه .
ويفارق استئناف المشتري عتق الأمة في مدة الخيار ، حيث كان مانعا من فسخ البائع في تخريج أبي العباس على أحد الأقاويل ؛ لأن العتق إنما يقع في هذا الموضع حكما لموجب البيع ويثبت بالعقد الذي يجتمعان عليه ، وعتق المشتري إذا انفرد به جرى مجرى الإتلاف .
فأما إن أراد المشتري فسخ البيع في مدة الخيار :
فإن كان الخيار لهما جميعا ، جاز للمشتري فسخ البيع على الأقاويل كلها ، لما ذكرنا من التعليل ، وهو أنه يعتق حكما بالعقد الذي يجتمعان عليه .