الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص48
وأما القول الثاني : وهو أن المشتري لا يملك المبيع إلا بالعقد وقطع الخيار ، فوجهه شيئان :
أحدهما : حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن النبي ( ص ) قال : ‘ كل بيّعين فلا بيع بينهما ، حتى يتفرقا أو يقول أحدهما لصاحبه : اختر ‘ فنفى البيع قبل الافتراق ، فدل على أن الملك يحصل بالافتراق .
والثاني : أن حصول الملك يقتضي ثبوت موجبه ، وموجب الملك جواز التصرف ، فلما كان المشتري ممنوعا من التصرف ، دل على أن الملك غير منتقل .
وأما القول الثالث : وهو أن الملك موقوف مراعى ، فوجهه شيء واحد : وهو أن العقد يثبت الملك ، والخيار ينفي الملك وأمرها متردد بين أن يغلب حكم العقد في إثبات الملك بقطع الخيار عن تراض ، وبين أن يغلب حكم الخيار في نفي الملك بالفسخ قبل تقضي الخيار ، فصار كالقبض الذي يقتضيه العقد ويقف تصحيحه عليه ، فإن أقبضه بان صحة العقد ، وإن تلف بان فساد العقد ، فكذا يجب أن يكون حال الخيار ، فإن تقضى عن تراض ، بان صحة العقد وانتقال الملك ، وإن تقضى عن فسخ بان بطلان العقد ، وأن الملك لم ينتقل به .
فالجواب عن عتق المشتري في زمان الخيار ، مبني عليه :
وهو أنه لا يخلو حال البائع بعد عتق المشتري من أحد أمرين :
إما أن يمضي البيع . أو يفسخه .
فإن أمضى البائع البيع نفذ عتق المشتري على قولين من ثلاثة ، وهو على القول الذي يزعم أن الملك قد انتقل إلى المشتري بنفس العقد ، وعلى القول الذي يزعم أن الملك موقوف مراعى ؛ لأن عتق المشتري صادف ملكا تاما .
فأما على القول الثالث ، وهو أن المشتري لا يملك ، إلا بالعقد والتفرق ، فعتق المشتري ، باطل غير نافذ ؛ لأنه قد تلفظ بالعتق قبل ملكه ، وقد قال النبي ( ص ) : ‘ لا عتق قبل ملك ‘ .
ثم المشتري على هذا القول ، بالخيار بين أن يستأنف عتقه ، وبين أن يستديم رقه . وإن فسخ البائع البيع ، بطل عتق المشتري على قولين من ثلاثة :