پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص47

قال الماوردي : وهذا صحيح ، ولهذه المسألة مقدمة يترتب عليها الجواب وهي أن المشتري متى يملك المبيع في خيار المجلس وخيار الثلاث ؟

فللشافعي فيه ثلاثة أقوال :

أحدها : نص عليه في كتاب زكاة الفطر : أن المشتري يملك المبيع بنفس العقد ، ويستقر ملكه بقطع الخيار ، فيكون الملك حاصلا بالعقد وحده ، واستقرار الملك يكون بقطع الخيار .

والقول الثاني : نص عليه في كتاب الأم : أن المشتري لا يملك المبيع إلا بالعقد وقطع الخيار ، فلا يحصل الملك مستقرا ، إلا بالعقد وقطع الخيار جميعا .

والقول الثالث : أن ملك المشتري للمبيع موقوف مراعى ، فإن انقطع الخيار بعد العقد عن تراض منهما به ، بان أن المشتري كان مالكا للمبيع بنفس العقد ، وإن نقض الخيار عن فسخ ، بأن أنّ المبيع ، لم يزل عن ملك البائع ، وأن المشتري لم يكن مالكا له .

وقال أبو حنيفة : إذا كان الخيار لهما أو للبائع وحده ، كان المبيع على ملك البائع في مدة الخيار ، فإذا انقضت مدة الخيار ، ملكه المشتري حينئذ بالعقد المتقدم ، وإن كان الخيار للمشتري وحده ، فالمبيع قد زال عن ملك البائع بالعقد ، ولا يملكه المشتري إلا بعد تقضي مدة الخيار ، فإذا انقضت ملكه حينئذ بالعقد المتقدم .

وهذا المذهب مخالف لمذاهبنا الثلاثة ، وفي توجيهها دليل عليه .

فأما القول الأول : وهو أن المشتري قد ملك بنفس العقد – وهو أصح الأقاويل – فوجهه ثلاثة أشياء :

أحدها : حديث نافع عن ابن عمر أن النبي ( ص ) قال : ‘ المتبايعان كل واحد منهما على صاحبه بالخيار ما لم يتفرقا ‘ .

فسماهما متبايعين ، فدل على حصول البيع ، وموجب البيع حصول الملك .

والثاني : أن الخيار نوعان : خيار عقد ، وخيار عيب .

فلما لم يكن خيار العيب مانعا من حصول الملك ، لم يكن خيار العقد مانعا من حصول الملك .

والثالث : أن الأملاك تستفاد بأحد وجهين : بقول ، وبفعل .

فلما كان ما يملك بالفعل كالاصطياد والاحتشاش ، لا يكون مرور الزمان مؤثرا في تملكه ، وجب أن يكون ما يملك بالقول كالبيع والهبة لا يكون مرور الزمان أيضا مؤثرا في تملكه .