الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص43
اشتريته بها ، فيصح الشراء ؛ لأن القبول قد تضمن ما تناوله البذل من الثمن ، وكذلك لو قال المشتري – حين قال البائع : قد بعتك عبدي بألف – : قد قبلت هذا البيع ، صح البيع ، ولزم فيه الألف ، وإن لم يصرح المشتري بها في قبوله ؛ لأن بذل البائع قد تناولها ، وقبول المشتري توجه إليها .
فإن قيل : أليس لو قال الولي في النكاح : قد زوجتك بنتي على صداق ألف ، فقال الزوج : قد قبلت تزويجها ؟ أو قال : قد تزوجتها ، ولم يقل : على هذا الصداق ، صح النكاح ، ولم يلزم الصداق حتى يصرح به في قبوله ؟ فما الفرق بينه وبين البيع ؟ .
قيل : الفرق بينهما : أن البيع لا يصح إلا بثمن فإذا حصل فيه القبول ، تضمن ما يتناوله البذل من الثمن ، والنكاح قد يصح مع خلوه من الصداق ، فلذلك لم يلزم فيه الصداق إلا أن يصرح به في قبوله .
ولو قال البائع : قد بعتك عبدي بألف إن قبلت الشراء مني ، فقال : نعم ، صح البيع وتم .
وكذا لو كان بينهما متوسط في العقد ، فقال للبائع : بعته عبدك بألف ، فقال : نعم ، وقال للمشتري : اشتريته بها ، فقال : نعم ، صح البيع وتم .
وكذا لو ابتدأ المتوسط بالمشتري فقال : اشتريت هذا العبد من فلان بألف ، فقال : نعم ، وقال للبائع : بعته عليه بالألف ، فقال : نعم ، صح البيع وتم .
ويفارق النكاح في أحد الوجهين بما نذكره هناك من الفرق بينهما .
ولكن لو قال البائع : قد بعتك عبدي هذا بألف ، فقال المشتري : قد ابتعته بخمسمائة ، لم يصح البيع .
وهكذا لو قال المشتري : قد قبلته بألفين ، لم يصح البيع أيضا ؛ لأنهما لم يجتمعا في البذل والقبول على ثمن واحد ، ولا يصح البيع ، حتى يكون الثمن معلوما يتفقان عليه .
وقال أبو حنيفة : يصح البيع بالألف ؛ لاجتماعهما عليها ، والألف الأخرى زيادة ، إن شاء البائع قبلها ، وإن شاء ردها . قال : ولو قال المشتري : بعني هذا العبد بألف ، فقال البائع : قد بعتك بخمسمائة ، صح البيع بخمسمائة ، وقد حطه خمسمائة ، وحل ذلك حطّا ؛ لأن الثمن مختلف في حال العقد لم يجتمع عليه في البذل والقبول سواء عاد البائع ، فقبل الزيادة ، أو المشتري فقبل الحطيطة أم لا ؟ .
ولا يصح البيع إلا باستئناف العقد لما ذكرناه . فهذا حكم العقد .