پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص42

قد بعتك بها ، لم يصح البيع ، حتى يعود المشتري فيقول : قد اشتريته ، فيكون هذا قبولا ، كما لو ابتدأ البائع فقال : اشترِ عبدي بألف ، وما ذكرناه من الفرق بين معنى اللفظتين كاف .

ثم الدليل عليه من جهة المعنى الشرعي أن كل ما لزم اعتباره في صحة عقد البيع من صفات لفظه ، لزم اعتباره في صحة عقد النكاح من صفات لفظه .

فلما لو كان ابتدأ الزوج فقال للولي : زوجني ابنتك ، فقال : قد زوجتك ، صح النكاح ، ولم يحتج الزوج إلى القبول بعد إجابة الولي ، وقام ذلك مقام أن يبتدئ الولي فيقول للزوج : قد زوجتك بنتي ، ويقول الزوج : قد تزوجت ، وجب أن يكون حكم البيع بمثابته .

ويتحرر من هذا الاستدلال قياسان :

أحدهما : أنه عقد لو تقدم فيه البذل كفاه القبول ، فإذا تقدم فيه الطلب كفاه الإيجاب كالنكاح .

والثاني : أن كلما لو كان بلفظ النكاح كان نكاحا ، فإذا كان بلفظ البيع كان بيعا ، كما لو تقدم البذل .

فصل :

فأما إذا كان المبيع عبدا بعبد ، وعقداه بلفظ الأمر ، والمتبايعان متساويان فيه ، فأيهما جعل نفسه باللفظ بائعا أو مشتريا ، لزمه حكمه .

فإذا قال أحدهما : بعني عبدك هذا بعبدي ، فقال الآخر : قد بعتك به ، صح به البيع ، لأن المبتدئ أنزل نفسه منزلة المشتري ، فلزمه حكمه .

ولو كان الأول قال : اشترِ مني عبدي هذا بعبدك ، فقال : قد اشتريته منك ، لم يصح البيع ، لأنه أنزل نفسه منزلة البائع ، فلزمه حكمه .

فصل :

فأما ما يصير العقد تاما به فشيئان :

أحدهما : تعجيل القبول على الفور إن تقدم البذل ، أو تعجيل الإيجاب على الفور إن تقدم الطلب ، من غير فصل ، ولا بعد ، فإن فصل بين البذل والقبول بكلام ليس منه ، أو تطاول ما بين البذل والقبول بالإمساك حتى بعد منه . لم يتم العقد ، ولم يكن للقبول تأثير ، إلا أن يعقبه البائع بالإيجاب ، فيصير القبول طلبا والإيجاب جوابا ، ويتم البيع ، ولكن لو حصل بين القبول والبذل إمساك لبلع الريق وقطع النفس ، تم العقد ، ولم يكن لهذا الإمساك تأثير في فساده .

والثاني : أن يكون قبول المشتري يقتضي ما تضمنه بذل البائع من الثمن ، وهو أن يقول البائع : قد بعتك عبدي بألف ، فيقول المشتري : قد اشتريته بالألف ، أو يقول : قد